Page 35 - Dilmun 26
P. 35
حرفة الفخّ ار
كان الاعتماد الأثريين عليه في أغراض كما ان الطين المش ّكل يجب أن يجفف
التأريخ أضمن وأنفع .ويمكن للفخار أن قبل حرقه،ويتعين أن يصل التسخين
يكون وسيلة لمعرفة الصلات الحضارية إلى درجة حرارة معينة ،نعلم الآن أنها
بين حضارات ما قبل التاريخ ،أو لتقدير يجب أن لا تقل عن 600درجة م ،وإلا
مدى انتشار تجارة ما قبل العصور
أصبحت النتيجة غير ثابتة أو دائمة.
التاريخية. وقد تمت الاكتشافات الأثرية بصفة
وقد صنعت أقدم الأواني بمشقة يدويا، عامة في كل المواقع الحضارية في
أما بصب الطين في قوالب أو ببنائها العصور النيوليثية (فيما عدا الحضارة
قطعة قطعة ،فالأواني الصغيرة يمكن النطوفية في فلسطين) ،إذ وجدت أعداد
صنعها بالطريقة الأولى ،أما الأواني وفيرة من الأواني وقطع الفخار في
الكبيرة وخاصة أي إناء له رقبة ،فكان العديد من مواقع الحضارات النيوليثية.
لا بد أن تصنع بطريقة البناء ،وقد جرى على أن كل حضارة ابتكرت شكلا خاصا
هذا بطريقة الحلقات،فبعد تشكيل لفخارها ،وكان من أثر محافظة الرجل
قاعدة الإناء ،جهزت حلقات من الطين (أو المرأة اذ يبدو أن أقدم الفخاريين
وضعت على القاعدة بعضها فوق بعض، كانوا من النساء) أن تطورت هذه
أو قام الفخراني بلف حلزوني من الأشكال إلى طراز مميز لكل حضارة.
الطين من القاعدة إلى الأعلى ،وتحتاج وكان فليندزر بتري أول من أدرك أهمية
هذه العملية إلى وقت طويل ،إذ يجب هذه الحقيقة ،وأوضح بأنه يمكن أن
أن تترك الحلقات السفلية بعض الوقت يكون أحد الأشياء الجوهرية الرئيسية
(فخار العبيد وهو أحد أقدم الفخاريات في منطقة التي يمكن بها تأريخ موقع أثري.
الشرق الأدنى القديم) ومع أن الأواني سهلة الكسر ،إلا أن قطع
الشقف الناتجة التي رماها صاحبها
وهو ساخط يمكن للأثري أن يجمعها
بعد ذلك بقرون ويمكنه لصقها بعضها
ببعض من جديد،في حين أن الأشياء
المصنوعة من الخشب ،أو الجلد المدبوغ
أو جلود الحيوانات غير المدبوغة أو
القماش قد تتعفن أو تتأكل او تزول.
على عكس الفخار فإنه يبقى ،ومن ثم
34