Page 18 - التصحيح الأخير لملخص تاريخ بني صالح (2)
P. 18
1٨
جد ملوك مالي من بني صالح ،وولادته حوالي عام 43٥هجري ،وكانت في ذریته إمرة إقلیم
كانجابا من مطلع القرن السادس الهجري حتى نهایته حیث اشتهر من أحفاده ،موسى الأسود
"دیجیو" بن دامال بن لاتال بن لاولو ،والذي حكم الإقلیم بین عامي ( ٦1٥ _ ٥٩٧هجري) ،
واتخذ مدینة ( جارب ) التي تقع على نهر النیجر إلى الجنوب من باماكو عاصمة له ،وقضى
حیاته في التقوى والعمل الصالح ،وحج بیت الله الحرام ،وبعد وفاته رحمه الله تعالى خلفه في
الحكم نجله أبو الأسود محمد والمشهور بلقب " ناري فامغان " واستمر حكمه للإقلیم بین عامي
( ٦2٨ _ ٦1٥هجري) ،وبذل جهودا كبیرة في سبیل نشر الإسلام والدعوة إلیه بین السودانیین
وخاصة أخواله " البمبارا " ،وفي آخر أیامه هجم الصوصو بزعامة "سو مانغورو كانتي" على
إمارته كما هجموا قبل ذلك على مملكة قومه بني صالح ملوك غانة وأسقطوها ،ولم یبق لدیهم
منها سوى إقلیم آوكار وعاصمته كمبي صالح ،وتم القضاء على الشریف أبي الأسود محمد
واستشهاده مع أبنائه الأحد عشر ولم ینج منهم إلا أصغرهم سنا واسمه " الأمیر الأسد " ،ولقبه
" سندیاتا كیتا " وهو الأمیر الأسد بلسان أخواله البمبارا ،وهو أیضا " :ماري جاطة " بلسان
السنونكي ،وقد ترك زعیم الصوصو سومانغورو كانتي الولد الصغیر الأمیر الأسد ولم یقتله
لصغر سنه ولكونه معتل الصحة ،ولم تمض إلا خمس سنوات حتى استطاع الأمیر الأسد أن
یؤسس جیشا قویا ویقوده لقتال الصوصو وتمكن من الانتصار علیهم في معركة كیرینا الفاصلة
عام ٦33هجري والتي قتل فیها زعیم الصوصو وتلاشت إمبراطوریتة ،وشرع الأمیر الأسد
في استرجاع مملكة أهله بني صالح ،فاستعاد كل الأقالیم التي سقطت من مملكة غانا وأخضعها
إلا إقلیم آوكار غانة وعاصمته كمبي صالح فقد أبقاه تحت إمرة أبناء عمه من بني صالح وأقرهم
على ملكهم إیاه وجعل ملكهم نائبا له وسمح له بحمل لقب ملك وحده دون غیره من سائر ملوك
الأقالیم الأخرى لثلاثة أسباب رئیسیة ،أولا لكونه ابن عمه في النسب الشریف الصالحي ،
وكانت إمارة آبائه كانجابا تابعة لفرعه من بني صالح ملوك غانة .ثانیا :لكون بني صالح حكام
إقلیم غانة آوكار استطاعوا الوقوف في وجه الصوصو على عكس بني صالح حكام الاقالیم
الأخرى التي سقطت بید الصوصو .السبب الثالث :كون بني صالح حكام إقلیم غانة آوكار قد
عقدوا اتفاقیة مع الوثنیین أصحاب إقلیم التبر لتأمین استخراج الذهب مقابل بقائهم على دیانتهم
المجوسیة ،ویخشى ابن عمهم الشریف الأمیر الأسد إن هاجمهم أن یكون ذلك سببا في انقطاع
تدفق الذهب إلیه وحرمانه منه .
وتأصیلا لما ذهبنا إلیه ،فقد ذكر ابن سعید علي بن موسى الغرناطي المغربي المتوفى عام
٦٨٥في كتابه " كنوز المطالب في أنساب آل علي بن أبي طالب " ،والذي ألفه في حدود ٦٥٥
هـ كما نقل عنه ذلك صلاح الدین خلیل بن أیبك الصفدي المتوفى عام ٧24هجري في كتابه
الوافي بالوفیات المجلد الثالث عشر ص ٩0ما نصه ( :العلوي صالح بن عبدالله بن موسى بن
عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ....قال ابن سعید المغربي في كنوز
المطالب :للصالحیین ملك متوارث إلى الآن بغانة من بلاد السودان في أقصى غرب النیل ).
ولیس معنى هذا أن إقلیم آوكار غانة وعاصمته كمبي صالح قد سقط في ید الصوصو ،ثم
استعاده بنو صالح في أیام ابن سعید رحمه الله ،كما سیتبادر إلى الذهن ،بل إن هذا الإقلیم
بالذات لم یسقط في ید الصوصو إلا فترة قصیرة على عكس أقالیم مملكة غانة الأخرى ،وفي
هذا الصدد كتب أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي المتوفى سنة ٨21هجري 141٨ /م في
الجزء الخامس من كتابه "صبح الأعشى في صناعة الانشا" ص ،2٩3 _ 2٩2 :ونصه :