Page 194 - merit 50
P. 194
العـدد 50 192
فبراير ٢٠٢3
وأرباب الحرف والصنائع ليحاكي تلك المطبعة ،في حين حكمه بتأييد من الشعب .وبدأ
وجميع الأشخاص المتعلقة قال بيرون :إن الباشا لما أنشأ يفكر في بناء بلد قوي سواء من
بالفرنساوية يحصل عليهم سوية المدارس المتعددة وجد الحاجة الناحية السياسية أو العسكرية،
ما يحصل للعساكر الحربية ،وأن إلى مطبعة تنشر ما يحتاج إليه
حكام السياسة وأرباب العلوم وفي الوقت نفسه يعتمد على
والصنائع يصحبون ويأخذون التلاميذ والطلاب من الكتب اقتصاد قوي وخلفية حضارية
معهم الأوراق والكتب ،ليس التي المدرسية ،فأنشأ مطبعة في بولاق، تمكنه من الحفاظ على إنجازاته،
تخصهم فقط بل كل ما يرونه
لكن رأي جيز كان مختل ًفا حيث فبدأ في إنشاء المؤسسات على
ناف ًعا لهم». قال :إن محمد علي كان متأث ًرا النمط الأوروبي الحديث ،ومن
فهذا النص صريح في أن بالتقدم المادي في أوروبا فرأى
الفرنسيين -وعلى وجه أن تقدم الأحوال في مصر لا بين المشروعات التي احتاج
الخصوص أرباب العلوم يأتي إلا عن طريق الشعلة التي إليها في مسيرته التنموية هي
والصنائع منهم -يأخذوا معهم نشرت أضواء العلوم والمعارف مطبعة تنشر كل ما يراه مناسبًا
كل ما يريدون ،سواء أكان مما في أوروبا ،وما هذه الشعلة إلا
أحضروه معهم من فرنسا أم مما لاستقرار دولته.
نهبوه من نفائس مصر .ويؤيد فن الطباعة ،كما قال إن السبب في بدأ محمد علي يفكر في إدخال
هذا أن كتاب «نحو اللغة العربية إنشاء المطبعة كان الرغبة في طبع
العامية» وهو آخر مطبوعات الكتب الشرقية القديمة التي عبث الطباعة إلى مصر منذ عام
الفرنسيين في مصرُ ،بدئ في بها تقادم العهد ،فأضاع الزمان 1815م ،حينما بدأ يفكر في إنشاء
طباعته بالمطبعة الأهلية بالقلعة، جيش نظامي ُيحكم به سلطته على
ثم أخلى الفرنسيون القاهرة معظمها وكاد يأتي على ما بقى البلاد .إذ كان لا بد لهذا الجيش
فاستؤنف طبعه في نفس المطبعة مخطو ًطا منه ،أي ًضا يعزو إنشاء من كتب يتعلم فيها أصول الحرب
بالإسكندرية ،ولكنه لم يتم طبعه المطبعة إلى أن محمد علي لما أسس والخطط الحربية ،وأنواع الأسلحة
أي ًضا ،فوقف الطبع عند الصحيفة المختلفة .فما كان من محمد علي
168من الكتاب بجلاء الفرنسيين مشروعاته الإدارية والتجارية
عن الإسكندرية ،من الثابت –إذن- كان من الضروري أن يوجد إلا أن أصدر أوامره بإنشاء
أن الفرنسيين أخذوا مطبعتهم بجانب هذه المصالح والمعامل مطبعة بولاق في عام 1820م
إلى الإسكندرية بعد الجلاء عن مطبعة تطبع ما يلزم لها من
القاهرة ،فهل نقلها محمد علي لطباعة ما يستلزم من كتب
من الإسكندرية إلى القاهرة بعد السجلات. قوانين وتعليمات.
عشرين سنة وجددها؟()1
أما الرأي القائل بأن محمد علي النقد التفسيرات المختلفة
أنشأ مطبعته محاكا ًة لمطبعة لإنشاء مطبعة بولاق
القسطنطينية التي أنشئت قبل رجع أصحاب الرأي القائل بأن
ذلك بقرن ،وأثمرت ثمرة طيبة محمد علي أنشأ مطبعته على اختلفت الآراء والروايات حول
في ميدان العلم والأدب ،فنجد أن أنقاض مطبعة بونابرت إلى الأسباب التي أدت إلى إنشاء
محمد علي قبل مجيئه إلى مصر
لم يكن عمله يتصل بالحركة المقدمات بد ًل من النتائج ،فالأدلة مطبعة بولاق :فجورجي زيدان
العلمية والأدبية في القسطنطينية، التاريخية كلها تثبت أن إحياء هذه قال :إن محمد علي سمع في مصر
الأنقاض لم يحدث ،وأن المطبعة عن مطبعة الحملة الفرنسية
المصرية نشأت مستقلة تما ًما عن ورأى بعض آثارها ،فجدد تلك
الآثار وأحياها فيما ُعرف باسم
كل اتصال بالماضي ،فالشرط مطبعة بولاق ،أما رينو فقال :إنه
الحادي عشر من معاهدة جلاء أراد أن يقلد مطبعة القسطنطينية
الفرنسيين عن مصر ينص على التي أنشئت قبل ذلك بقرن من
الزمان فأنشأ مطبعة في بولاق
أن“ :جميع حكام السياسة