Page 134 - merit 50
P. 134

‫العـدد ‪50‬‬                              ‫‪132‬‬

                                 ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬                       ‫الأرض‪ ،‬والجص المقشر على‬
                                                                  ‫الجدران والكراسي المتهالكة‪،‬‬
 ‫رأيكم‪ ..‬ألست الأمر جي ًدا؟»‪.‬‬          ‫ثم خلع صاحب الحانة‬          ‫والطاولات نفسها‪ ،‬ومفارش‬
   ‫نظرنا إلى بعضنا البعض‪،‬‬          ‫سترته البيضاء التي كانت‬
   ‫وأخي ًرا‪ ،‬عبرنا عن المشاعر‬    ‫مغطاة بدقيق حلوى الفطائر‪،‬‬            ‫المائدة التي تم إصلاحها‪،‬‬
    ‫المشتركة‪ ،‬أجاب سيريو‪:‬‬                                             ‫ومحفورة ومتسخه‪ .‬لكن‬
    ‫«لكي نكون على ما يرام‪،‬‬              ‫طالبًا قائمة الطعام ثم‬     ‫ما أصابنا قبل كل شيء هو‬
                                  ‫سأل‪« :‬ماذا يأكل السادة؟»؛‬          ‫البرد‪ :‬شديد‪ ،‬رطب‪ ،‬يشبه‬
  ‫سنرى‪ ..‬أعتقد الآن أنني في‬        ‫ومناقشة الذكريات انتهت‪.‬‬            ‫صقيع الكهف لدرجة أن‬
 ‫مرحاض عام»‪ .‬هذه الإجابة‬
‫لم ترضي أميلكير الذي دخل‬             ‫أخذنا القائمة ورأينا على‬            ‫سيرو دخل‪ ،‬وصرخ‪:‬‬
                                    ‫الفور أنه يوجد القليل من‬                 ‫«دي أفريقيا ج ًدا!‬
   ‫في مناقشة عدوانية قائ ًل‪:‬‬       ‫الأطباق مما يدعو للضحك‪:‬‬
  ‫«أنت شخص فاسد؛ وتريد‬           ‫المعكرونة الجافة‪ ،‬لحم الضأن‬             ‫هنا سنصاب بالتهاب‬
                                  ‫أو الدجاج‪ ،‬الجبن والفواكه‪.‬‬                         ‫رئوي»‪.‬‬
     ‫توفير المال؛ لديك قرحة‬
  ‫ولا يجب أن تذهب للمطعم‪،‬‬                ‫لكي لا يظهر أميلكير‬          ‫في الواقع كان الجو بار ًدا‬
‫وتريد أن تأكل ولكن لا تريد‬        ‫بصورة سيئة أمام أصدقائه‬         ‫ج ًّدا‪ :‬في الحانة‪ ،‬جلس شاربو‬
‫أن تنفق»‪ ..‬وما إلى ذلك وهلم‬                                       ‫الخمر على الطاولات بقبعاتهم‬
                                     ‫تشدد مع صاحب الحانة‬
    ‫جرا‪ .‬في غضون ذلك‪ ،‬مر‬            ‫قائ ًل‪« :‬ولكن آتينا بأطباق‬           ‫ومعاطفهم وأطواقهم؛‬
‫الوقت وكنا‪ ،‬كما يحدث دائ ًما‬                                          ‫ويتنفسون‪ ،‬يمكنك رؤية‬
                                       ‫حضرتك المميزة‪ ..‬مثل‬             ‫السحابة في الهواء‪ ،‬كما‬
    ‫في الحانات غير المجهزة‪،‬‬         ‫سباغيتي اللاماتريسيانا»‪.‬‬         ‫لو كنا في الشارع‪ ،‬جلسنا‬
‫نشرب الخمر ونتناول الخبز‬           ‫قال صاحب الحانة‪ :‬حسنًا‪،‬‬            ‫على إحدى تلك الطاولات‪،‬‬
 ‫ونتحاور في هذا وذاك‪ .‬كان‬        ‫في الواقع كان لديه سباغيتي‬            ‫وعلى الفور جاء صاحب‬
                                    ‫اللاماتريسيانا وكلنا طلبنا‬        ‫الفندق‪ ،‬وهو رجل ضخم‬
     ‫الجو بار ًدا ح ًّقا‪ ،‬وكانت‬  ‫المقبلات‪ ،‬معكرونة وهناك من‬         ‫ذو وجه قاتم مر َّبع وعينين‬
 ‫أقدامنا مجمدة لا نشعر بها؛‬      ‫طلب الدجاج ومن أراد تناول‬          ‫سوداوين ساخطتين‪ ،‬سأله‬
                                                                   ‫أميلكير‪ ،‬وكله ابتهاج‪« :‬سيد‬
  ‫الخمر‪ ،‬إذن‪ ،‬ربما لأنه كان‬          ‫المشويات ومن أراد لحم‬           ‫جيوفاني‪ ،‬هل تتذكرني؟»‪،‬‬
‫مخف ًفا‪ ،‬كما قال سيريو‪ ،‬كلما‬        ‫الضأن المشوي في الفرن‪.‬‬         ‫ولكن الآخر بدون أن يبتسم‬
 ‫شربنا أكثر‪ ،‬قل دفئنا‪ .‬أخي ًرا‬    ‫بالنسبة للحلوى قلنا سنفكر‬           ‫«اسمي سيرافينو وليس‬
                                                                      ‫جيوفاني‪ ..‬في الحقيقة‪ ،‬لا‬
   ‫أميلكير أصبح قل ًقا‪ ،‬وعاد‬                       ‫في الأمر‪.‬‬      ‫أتذكر حضرتك»‪ .‬كان أميلكير‬
‫بعد ذلك بوقت قصير‪ ،‬را ٍض‪،‬‬               ‫لكن سيريو احتج على‬        ‫مستا ًء وبدأ يقصفه بالأسئلة‪،‬‬
                                     ‫أنه يريد الحساء وأكد له‬        ‫صاحب الحانة كان عاب ًسا‪،‬‬
  ‫ليعلن أننا سنأكل قريبًا‪ .‬في‬     ‫صاحب الحانة أن لديه مرق‬            ‫غير متأكد‪ ،‬وأخي ًرا صاح‪:‬‬
‫الواقع‪ ،‬وصل صاحب الحانة‬           ‫الدجاج‪ .‬ثم سأل كيف نريد‬         ‫«لكن نعم‪ ..‬حضرتك أتيت إلى‬
‫ووزع المقبلات‪ ،‬نظرنا جمي ًعا‬         ‫الخمر‪ :‬إذا كان أبيض أو‬         ‫هنا ليلة رأس السنة‪ ،‬لتأكل‬
 ‫إلى الأطباق‪ :‬يا له من بؤس‪.‬‬          ‫أحمر‪ ،‬إذا كان جا ًّفا أو به‬       ‫زامبون مع العدس»‪ .‬رد‬
                                   ‫حبيبات سكر‪ .‬قررنا تناول‬        ‫أميلكير أنه قضي رأس السنة‬
     ‫قطعتان من الخرشوف‪،‬‬            ‫الفراسكاتي الجاف‪ ،‬وجلب‬              ‫في المنزل‪ ،‬باختصار‪ ،‬لم‬
‫شريحة لحم خنزير‪ ،‬سردين‪.‬‬                ‫صاحب الحانة اللترات‬         ‫يتعرفا على بعضهما البعض‪.‬‬
 ‫قال سيريو لأميلكير‪« :‬أعتقد‬         ‫والأكواب والخبز وأدوات‬
                                     ‫المائدة الملفوفة في مناديل‬
   ‫أنك لن تأكل الليلة»‪ .‬بدأنا‬      ‫الطاولة‪ ،‬وذهب إلى المطبخ‪.‬‬
    ‫نأكل لكن الجميع قال إن‬          ‫سأل أميلكير مطمئنًا‪« :‬ما‬
     ‫لحم الخنزير كان مال ًحا‬
     ‫لدرجة أنه لا يؤكل‪ .‬قال‬

      ‫سيريو‪« ،‬لحم الخنزير‬
     ‫الأفريقي»‪ ،‬حيث بدا أنه‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139