Page 167 - merit 50
P. 167

‫‪165‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

                   ‫الأخرى‪.‬‬     ‫ومنها ما يتجه إلى أن مسار‬                  ‫القضية التنموية‪.‬‬
  ‫أما في العالم غير الأوروبي‬     ‫التنمية لا بد أن يقتفي أثر‬       ‫وتتعدد التجارب التنموية‬
  ‫فنجد أن التنمية السياسية‬          ‫التجربة الاشتراكية في‬
                                ‫الاتحاد السوفيتي والصين‬              ‫في الدول الغربية وغير‬
     ‫إذا كانت تصف أسباب‬                                         ‫الأوروبية باعتبار مفاهيمها‬
  ‫التخلف والعوامل التي أدت‬     ‫انطلا ًقا من معطيات النظرية‬
  ‫إلى تأخر هذه الدول‪ ،‬فإنها‬          ‫الماركسية القائمة على‬        ‫ومسمياتها‪ ،‬وذلك يختلف‬
 ‫تتحدث عن الحركة الدائرية‬                                           ‫اختلا ًفا تا ًّما عن التنمية‬
                                  ‫التخطيط المسبق والملكية‬
    ‫لهذه المجتمعات‪ ،‬حيث إن‬       ‫العامة والحزب السياسي‬            ‫السياسية في العالم الثالث‬
     ‫تاريخها يسير في دوائر‬                                        ‫أو الدول النامية أو الدول‬
 ‫مغلقة صعو ًدا ونزو ًل وذلك‬                       ‫الواحد‪.‬‬        ‫ما قبل الصناعية أو الدول‬
‫خلا ًفا لما ذكره (أولريش بك)‬     ‫وهناك اتجاه ثالث يحاول‬
‫في كتابه العالم الجديد حيث‬                                                        ‫الفقيرة‪.‬‬
    ‫رأى أن الدورات المتكررة‬            ‫التوفيق بين التراث‬       ‫إن معظم الدراسات العربية‬
 ‫في التاريخ الإنساني دورات‬            ‫الإسلامي ونظريات‬
    ‫حلزونية وليست دائرية‪.‬‬         ‫التنمية السياسية‪ ،‬فيرى‬          ‫في التنمية السياسية تبرز‬
                                ‫أنه الأمثل حيث يجمع بين‬            ‫صورة واضحة للكتابات‬
        ‫وتقدم نظرية التنمية‬      ‫عنصري الميراث التاريخي‬           ‫الأوروبية سواء الليبرالية‬
      ‫السياسية عدة مفاهيم‬         ‫والخصوصية الحضارية‬             ‫أو الماركسية لتصبح تقلي ًدا‬
  ‫للتعبير عن جوهر وحقيقة‬         ‫من ناحية ومعطيات العلم‬             ‫متَّب ًعا لهذه النظريات في‬
  ‫ظاهرة التنمية‪ ،‬حيث برزت‬        ‫الحديث من ناحية أخرى‪.‬‬             ‫مسيرتها للتطور العلمي‬
   ‫العديد من المفاهيم للتعبير‬       ‫تنطلق نظريات التنمية‬           ‫والإلمام بالانفجار المعرفي‬
       ‫عن نفس الحقيقة مثل‬        ‫السياسية من الإيمان بأن‬
   ‫التنمية‪ ،‬التحديث‪ ،‬التطور‪،‬‬   ‫المجتمعات البشرية تسير في‬              ‫وتحقيق التواصل مع‬
‫التقدم‪ ،‬التغيير‪ ،‬الرقي‪ ،‬وهذه‬    ‫مراحل متتابعة‪ ،‬كل مرحلة‬        ‫التيارات العالمية‪ ،‬لكن للأسف‬
 ‫جمي ًعا ربما لا تمثل منظومة‬   ‫منها أعلى من السابقة‪ ،‬وذلك‬
    ‫متكاملة أو نسخة واحدة‬        ‫انطلا ًقا من اعتبار المجتمع‬         ‫يحصل ذلك من موقع‬
    ‫وإنما هي مفاهيم متعددة‬      ‫الأوروبي أنموذ ًجا معيار ًّيا‬      ‫المفعول لا الفاعل‪ ،‬المتلقي‬
                                    ‫(بارادايم) للمجتمعات‬
            ‫لموضوع واحد‪.‬‬                                                         ‫المستهلك‪.‬‬
     ‫أما تاريخيًّا فإن مفهوم‬                                     ‫وإذا كان ولا بد فينبغي أن‬
       ‫التنمية السياسية برز‬                                    ‫تكون تبعية المصطلح والمجال‬
 ‫بصورة أساسية منذ الحرب‬                                        ‫والرؤية التحليلية بد ًل من أن‬
     ‫العالمية الثانية‪ ،‬حيث لم‬
    ‫يستعمل هذا المفهوم منذ‬                                              ‫تكون تبعية سلبية!‬
  ‫عصر آدم سميث في الربع‬                                         ‫تعددت الكتابات في التنمية‬
‫الأخير من القرن الثامن عشر‬                                     ‫السياسية‪ ،‬فمنها ما يتجه إلى‬
 ‫وحتى الحرب العالمية الثانية‬                                     ‫أنه تطبيق نماذج مجتمعات‬
 ‫إلا على سبيل الاستثناء لهذا‬
‫المفهوم على مستوى عال من‬                                             ‫أوروبا الغربية المتمثلة‬
   ‫الاقتصاد ثم انتقل إلى علم‬                                         ‫في الليبرالية السياسية‬
 ‫السياسة منذ ستينات القرن‬                                       ‫والتعددية الحزبية والحرية‬
                                                                  ‫الاقتصادية‪ ،‬والتركيز على‬
                                                                  ‫البعد السياسي المؤسسي‬
                                                                    ‫لتحقيق النمو من خلال‬
                                                                   ‫هذا النموذج‪ ،‬ويمثل هذا‬
                                                                  ‫الاتجاه كتابات (ماكليلان‬
                                                                  ‫ودوتش وهانتيجتون)‪،‬‬
   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172