Page 129 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 129
127 تجديد الخطاب
الغربي وتحديه الحضاري لمذهب الإمام أحمد بن حنبل. فكان رد الفعل هو نوع من التمرد
مباشر وواضح ،وجاثم من لكن ابن عبد الوهاب ،تحالف على التقليد المذهبي ،الذي أصبحت
خلال السيطرة الغربية المباشرة مع الأمير لكي يتم فرض هذه
التصورات بالقوة ،فيتم الاستقرار فيه مذاهب المسلمين في الفقه
وغير المباشرة عبر النفوذ بالعودة إلى «الشريعة» وعقوباتها، وفي المعتقدات ،هي بمثابة قلاع،
الغربي ،وعبر عمليات الاحتلال بقوة أمير حازم ،يحارب البدعة يدافع عنها أتباعها ضد مذاهب
المسلمين الأخرى ،وأصبح التقليد
العسكري المباشر ،بل وتجلى الدينية بقوة السيف .فكان داخل المذهب الواحد لأئمة المذهب،
عجز الإجابات المبثوثة في كتب التعدي على العتبات الشيعية بمثابة دين ُيتدين به ،فتجمدت
التراث ومقالات وآراء السلف وعلى أضرحة ومقامات الصوفية، المذاهب فكر ًّيا .فكانت ردود الفعل
أمام خطر الحداثة وفتنتها ،وأمام فالدليل النصي من المرويات هي مواجهة هذا التجمد بمحاربة
التحدي الثقافي للتيارات الفكرية المنسوبة للنبي تعكس طبيعة «البدع» التي دخلت على الدين،
الحياة البدوية في الحجاز في وبالعودة إلى الدين «الأصلي» دين
الغربية؛ فكان تيار الإصلاح القرن السابع الميلادي ،والتي لم
الديني بكل روافده ،تيا ًرا يحاول تختلف كثي ًرا عن الحياة في نجد ما قبل المذاهب ،التي أصبحت
هي ذاتها الدين ..والعودة إلى
مقاومة جمود التقليد ،بالعودة في القرن الثامن عشر.
إلى السلف الصالح أي ًضا ،مثل لذلك فربما لطبيعة الحياة الثقافية الأدلة النصية المباشرة من
سابقه ،ولكن السلف هنا كان نصوص ومن مرويات منسوبة
السلف وقت تأسيس العلوم في وتراثها في الهند الذي يختلف
ثقافات المسلمين أي ًضا وليس عن الحياة في نجد ،كان رد فعل للنبي ومنسوبة للصحابة
شاه ولي الله الدهلوي (-1703 وللتابعين ،الذين هم الأجدر
سلف الصحابة والتابعين على فهم الرسالة .والتخلص
وتابعيهم فقط .ولكن هذا التيار 1762م) على التحدي مختلف؛ من كل القواعد الفكرية وتراتب
أي ًضا حاول تحديث الفكر الديني حيث كان يشيع التصوف ويشيع الأدلة وتراكيبها التي وضعتها
مذاهب المسلمين ،فخلقت «بد ًعا”
عند المسلمين ،تحديثًا يواكب المذهب الحنفي ،وتوجد أديان و”ضلالات” وح َّرفت في دين الله،
العصر .وفي نفس الوقت يقاوم أخرى غير الأديان المنصوص دين الفطرة ،ببساطته ،التي كان
خطر الاستعمار الغربي ،سواء عليها في المصحف .ورغم أن عليها النبي وصحابته وتابعيهم،
الدهلوي اختصر الإسلام في عبر رفض قواعد التفكير الفقهي
مقاومة سياسية ،عبر السعي “الشريعة” كما فعل ابن عبد المذهبية ،واستخدام “فقه الدليل”،
لوحدة المسلمين سياسيًّا ،سنة الوهاب ،ونظر إليها كأداة ضبط
وشيعة ،كما سعى السيد جمال وربط لمواجهة التفكك الاجتماعي، النصي المباشر.
الدين الحسيني الأفغاني (-1838 ومحاربة التغيرات الاجتماعية على فحاول محمد بن عبد الوهاب
،)1897أو عبر مقاومة التقليد أنها «البدع» ،بل واعتماده كذلك ()1206 /1791 -1115 /1703
على النصوص مباشرة ،فإن هذه التواصل مع الجذر القديم الذي
والغرب عبر التربية والتعليم الجهود في القرن الثامن عشر كان يتمرد على المذهبية ،سواء
وتحديث الفكر وتقديم فهم والنصف الأول من القرن التاسع من نصوصية الإمام أحمد بن
جديد للنصوص القديمة يتوافق عشر لم يظهر لها بصورة كبيرة حنبل (/855 -164 /780
مع منتجات العلوم الأوروبية خطر تحدي الحداثة الغربية بعد،
فكانت عودة لأصول بمحاربة ، )241والتأسيس الفكري
الحديثة ،مثل محمد عبده والعقيدي الذي قام به الإمام ابن
( )1905 -1849وأحمد خان في «البدعة».
في النصف الثاني من القرن تيمية (/1328 -661/1263
الهند (.)1898 -18017 التاسع عشر؛ أصبح الخطر )728وتلميذه ابن قيم الجوزية
(،)751 /1350 -691 /1292
-2-
نتيجة لاهتمام تيار الإصلاح