Page 132 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 132
محمد بن عبد الوهاب نتيجة لاهتمام تيار الإصلاح الديني
بالتعليم والتربية ،ونتيجة لشبه
الجامعة -ولو على الهامش -لمس
هذه الأصول نقد ًّيا ،كانت قضايا الفشل في تحديث مؤسسات التعليم
الالتهاب بالجامعة ،وكانت المعارك الدينية التقليدية مثل التعليم
الفكرية .بل إن الجامعة كانت في الجامع الأزهر ،أن كان الاتجاه
تدرس التراث -حتى الفكري لإنشاء مؤسسات تعليمية حديثة،
تواكب العصر ،مؤسسة لا تقتصر على
والتاريخي منه -بالاحتفاء المسلمين فقط ،بل تكون جامعة،
به احتفاء أقرب إلى التمجيد، وطنية ،جامعة يكون غايتها العلم،
وكان الاتجاه النقدي فيها على
استحياء ،وإن كانت قد تجلت في مثل مدارس أوروبا وجامعاتها.
مجالات التراث اللغوي والفقهي
قلي ًل ،ففي مجال الفكر الديني تحديثية من أعلى السلطة ،دوافع واحد لا متغير فيه ،وعلى الواقع
-وخصو ًصا المعتقدات -تكاد أرادت أن تنقل ثمار الحداثة أن يخضع لهذا الثابت ويخضع
تكون الرؤية النقدية لا ُترى المادية من نظم دولة تضبط بالقوة الجبرية ،وأن كل تغير هو
تما ًما .بل أصبحت هذه الجامعات
مع توسعها ُمنتجة لدوجما حركة المجتمع ،فأضافت للتجاور انحراف عن «صحيح الدين»،
التصورات القديمة على أنها الفكري بين المتباينات نو ًعا من كما كان عليه النبي والصحابة
«المعلوم من الدين بالضرورة»، الجبر والفرض بالقوة للحداثة، والتابعون ،قبل أن يتلوث بما
ومدافعة عن «دين الوسطية» ضد والتي كان المورد الجبري الآخر عند الفرس والهنود واليونان
المف ِّرطين والمُف ِرطين .مثلها مثل لها هو حداثة آتية على ظهر من القدماء وبما عند الغربيين
مدارسنا الدينية التقليدية ،بل
وبصورة أكثر تش ُّد ًدا ،كمحاولة بارجة حربية غازية من مستعمر. وغزوهم الثقافي في عصورنا
لإثبات أنها مدارس ليست ضد فكان حضور التراث بشكل الحديثة.
الدين. عام والديني منه بشكل خاص -3-
وحين تمت عمليات التحديث وحضور السياسة وحضور
قامت جامعتنا «الحديثة» على
الآخر ،كموضوعات ُتدرس علميًّا هذه الثنائية المتجاورة بين القديم
داخل هذه المدارس ،هي نقاط والحديث ،لكن ر ّسخ من تأثيرها
التهاب ،تنفجر بين حين وآخر. أن هذا التحديث قام على نقل
جامعتنا «المدنية الحديثة» لم النموذج السابق الجاهز ،سواء
كان نق ًل عن الآخر الأوروبي أو
تستطع أن تتجاوز حالة العجز نق ًل عن أسلافنا .الأمر الثاني أن
التي كان عليها تيار الإصلاح جامعتنا الحديثة في غالبها قامت
الديني بتركيزه على الفروع كمؤسسات في أغلبها بدوافع
وتعامله على استحياء مع
الأصول ،وفي كل مرة حاولت