Page 216 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 216

‫العـدد ‪38‬‬         ‫‪214‬‬

                                                             ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬  ‫تما ًما للتناول الظاهراتى لأن‬
                                                                          ‫الشعور الذي يعمل على نحو‬
  ‫ولكى نفهم العمل الأدبي‬       ‫موضوعية‪ ،‬على أساس أنه‬                      ‫مقصود ضروري لإظهارها‬
  ‫فه ًما جي ًدا يجب أن نكون‬    ‫نابع من الشعور الخالص‪،‬‬                      ‫فى عالم الوجود‪ ،‬ولا ينبغي‬
‫مهتمين بفهم هذه العناصر‬
   ‫الثلاثة؛ لأن الفهم ‪-‬لدى‬       ‫مما يجعل المعنى مرتب ًطا‬                      ‫أن ينشغل النقد بالعمل‬
‫إنجاردن‪ -‬عبارة عن إدراك‬         ‫لديه بلحظة وجودية‪ ،‬ولا‬                       ‫الأدبي بوصفه موضو ًعا‬
   ‫مادة الموضوع فى العمل‬      ‫يؤثر على الظاهرة أي شيء‬                     ‫ولا بالقارئ بوصفه ذا ًتا بل‬
                               ‫من خارجها‪ ،‬مما ُيعلي من‬                      ‫بحقيقة أن العمل لا وجود‬
    ‫الأدبي عبر القيام بفعل‬    ‫دور الذات فى إدراك المعنى‪.‬‬                      ‫له إلا بوصفه موضو ًعا‬
‫عقلي يحقق هذا الإدراك(‪.)11‬‬       ‫كما أنه يعتقد أن معرفة‬                       ‫يعرض على الشعور”(‪.)7‬‬
                                ‫الأشياء فى العالم الطبيعي‬                     ‫ومن خلال الأفكار التي‬
‫‪ -2‬مفهوم القصدية‪:‬‬              ‫غير مقتصرة على الماهيات‬                      ‫طورها (إنجاردن) استفاد‬
                              ‫الموضوعية التي فى الأشياء‬
         ‫إن المعنى بالنسبة‬    ‫ذاتها‪ ،‬أو التي تكونت بفعل‬                        ‫منظرو نظريات القراءة‬
   ‫لـ( ُهسرل) لا يتكون فى‬     ‫التجربة‪ ،‬بل إن هذه المعرفة‬                    ‫فى بحثهم عن التفاعل بين‬
                                                                          ‫النص والقارئ‪ ،‬لذلك سوف‬
     ‫التجربة أو الحسابات‬          ‫تدرج الشعور‪ ،‬أي فعل‬                     ‫نستعرض الآن أبرز المفاهيم‬
   ‫العقلية‪ ،‬بل هو موضوع‬         ‫الإدراك مع موضوعه فى‬                      ‫الظاهراتية التي استفاد منها‬
  ‫قصدي‪ ،‬يتكون من خلال‬
                                       ‫عملية تضايف(‪.)9‬‬                               ‫هؤلاء المنظرون‪:‬‬
     ‫الفهم الذاتي والشعور‬       ‫بينما نجد أن (إنجاردن)‬
     ‫القصدي الآني بإزائه‪.‬‬                                                  ‫‪ -1‬مفهوم التعالي‪:‬‬
    ‫حيث لا يمكن النظر إلى‬          ‫يختلف مع أستاذه فى‬
                               ‫تعريف التعالي‪ ،‬إذ يرى أن‬                            ‫ُيع ُّد مفهوم التعالي‬
       ‫الموضوعات كأشياء‬       ‫الظاهرة «تنطوي باستمرار‬                          ‫واح ًدا من أبرز مفاهيم‬
     ‫فى ذاتها وإنما كأشياء‬     ‫على بنيتين‪ :‬ثابتة ويسميها‬                        ‫الفينومينولوجيا‪ ،‬فهو‬
     ‫يفترضها‪ ،‬أو يقصدها‬      ‫(نمطية) وهى أساس الفهم‪،‬‬                      ‫مركز هذه الفلسفة‪ ،‬ويقصد‬
     ‫الوعي‪ ،‬وكل وعي هو‬                                                        ‫به ( ُهسرل) “أن المعنى‬
   ‫وعي بشيء ما‪ ،‬ووعيي‬            ‫وأخرى متغيرة يسميها‬                          ‫الموضوعي ينشأ بعد أن‬
 ‫ليس مجرد تسجيل منفعل‬               ‫(مادية) وهى تشكل‬                      ‫تكون الظاهرة معنى مح ًضا‬
  ‫للعالم‪ ،‬وإنما هو يؤسسه‬                                                  ‫فى الشعور‪ ،‬أي بعد الارتداد‬
  ‫على نحو فاعل أو يقصده‬         ‫الأساس الأسلوبي للعمل‬                           ‫من عالم المحسوسات‬
     ‫(‪ .)12‬وهذا ما دعاه إلى‬   ‫الأدبي‪ ،‬والمعنى هو حصيلة‬                       ‫الخارجية المادية إلى عالم‬
   ‫أن يجعل شعار فلسفته‬                                                    ‫الشعور الداخلي الخالص»(‪.)8‬‬
‫«العودة إلى الأشياء ذاتها»‪.‬‬       ‫للتفاعل بين بنية العمل‬                    ‫وهذا يعني أن المعنى قائم‬
   ‫بعبارة أخرى إن مفهوم‬          ‫الأدبي وفعل الفهم»(‪.)10‬‬                    ‫على الفهم ونابع من الذات‬
  ‫(القصدية) عند ( ُهسرل)‬       ‫وكذلك حرص (إنجاردن)‬                         ‫القارئه‪ ،‬وهذا ما يطلق عليه‬
‫يشير إلى أن ثمة ترابط بين‬    ‫على أن يبرز المعنى فى علاقته‬                      ‫(التعالي) أي أن المعنى‬
   ‫الموضوع والذات‪ ،‬فليس‬       ‫التفاعلية بين الذات والعمل‬                    ‫‪-‬لدى ( ُهسرل)‪ -‬خلاصة‬
‫ثمة موضوع دون ذات‪ ،‬ولا‬       ‫الأدبي‪ ،‬وخاصة أنه يرى أن‬                      ‫الفهم الفردى‪ .‬ولعل هذا ما‬
‫ذات دون موضوع‪ .‬فالفهم‬         ‫العمل الأدبي يتضمن ثلاثة‬                     ‫جعله ينظر إلى المعنى نظرة‬
     ‫الذي يبرز فى الشعور‬          ‫مظاهر وجودية‪ :‬المظهر‬
 ‫المحض هو ما يبني المعرفة‬     ‫العقلي‪ ،‬وهو الأفعال المبدعة‬
 ‫بالموضوع‪ ،‬ومن ثم أصبح‬       ‫التي يقوم بها وعي الإنسان‪.‬‬
                                ‫والمادة المحسوسة للنص‪،‬‬
                                 ‫أي العلامات على الورق‪.‬‬
                               ‫والمفاهيم المثالية أو الفكر‪.‬‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221