Page 37 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 37
35 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
هي كلمة وجه ،والذي هو مكون من مكونات الذات، الإنشاد بالدوران حول الذات ،وذلك بتوظيف
لكنه قام بفصله عن الضميرين إذ لم يسنده إلى الأجزاء الحسية ،أو المعنوية المكونة لها ،حيث
مخاطب أو متكلم ،فض ًل عن تنكيره ،وكأنه وجه ينطلق من ذاته إلى آفاق أرحب من المعاني ،التي
تجعل الذات الشاعرة ،ملتصقة بعملية التلقي،
جديد ،فوجئ به الشاعر في تلك اللحظة ،التي تحمل فيكون المتلقي في دائرة واحدة مع الشاعر ،ليشاركه
لقاء خاصا ،ليؤيد هذا الاندماج ،الذي يدعمه فعل اللحظة ذاتها ،التي دفعت الشاعر إلى الإنشاد،
الت َب ُّدل ،الذي تسببت فيه الارتجافة ،فجاء التبدل خاصة عندما يتعامل مع ذاته من خلال كاف
الخطاب ،وكأنه ينظر إلى مرآة تجسد هذا المقام،
على المستويين اللفظي والمعنوي ،ليصبح هذا الوجه فتنقله من الداخل إلى الخارج ،فتصبح مكونات
الذي تلا َقى بصدر الأم نائبًا عن الذات ،في التعبير الجسد الشاخصة في تلك المرآة ،هي ذاتها ملامح
عن تلك اللحظة الخاصة ،التي جاشت بها مشاعر الروح التي تقف خلف هذه اللحظة الشعورية ،التي
داخلية ،تمثلت في الفعل “هزني” المترتب على الفعل يدور حولها النص .فتسمح للمتلقي أن يشارك
“ارتميت” ،فكان أ ْن ظ َه َرت هذه المشاعر على الوجه، الشاعر اللحظة التي ينظر فيها إلى مرآته ،أو بمعنى
ذلك الوجه الذي صار في دائرة رؤية الأم داخل آخر إلى ذاته.
النص من ناحية ،وفي دائرة رؤية المتلقي خارج يقول الشاعر محمد الشحات في قصيدته“ ،ثلاثية
النص من ناحية أخرى. العشق والغربة” ،من ديوان “سيعود من بلد
فتصبح الذات الشاعرة ،والتي تمثلها الياء في بعيد”:
“هزني” ،في منطقة تقع بين الارتماء والوجه ،لف ًظا
ومعنى .فمن ناحية اللفظ ،إذ هي بينهما في ترتيب حين ارتمي َت بصدر أمك
البناء اللفظي للجمل ،وبينهما في ترتيب المعنى ،وهنا هزني وجه تبدل في ارتجافته
يكون البناء متحال ًفا في تشكيله البصري مع السياق
تبلور واستدار
الذي أراده الشاعر. ..
وفي قصيدة “التملص من وجهي” ،من ديوان
فحملت شوقي
“محاولات لا أعرف نهايتها”: واختبأت لكي أداري غيرتي
وكنت أحاول
وتركت ملمسها
أن أتملص من حال وجهي على أطراف كفي
حين أطل به ورميتها بعيون شوقي
نحو قافلة المفلتين من الحزن آه
وأحاول أن أبتهج ما أقسى مدارات اشتياقي
حيث يستهل النص بالفعل “أتملص” ،الذي تقوم كلما لا مست وجهك
به الذات ،ولكنه يحيل هذا الفعل مباشرة إلى الوجه، وانفطرت محبة
فيجعل من المقام مقا ًما ذاتيًّا خال ًصا ،لكنه ينقله ونزعت من نبرات حنجرتي
من داخل ذاته ،إلى مكون من مكوناتها ،فذاته تطل، حبال الصوت
ولكن من خلال الوجه ،الذي ينتسب إليها ،بإضافته
إلى ياء المتكلم ،فينوب الوجه عن صاحبه في التعامل كي لا أحيطك خلسة
مع أولئك المفلتين من الحزن ،في محاولة للابتهاج. بمزاهر الكلمات
قل يا فتى:
وفي الديوان ذاته في قصيدة “حانت لحظة
صحوك” ،تأتي الإحالة الداخلية بد ًءا من العنوان، هل كان يعصرك الحنين
فكاف الخطاب في العنوان ،يوجه الشاعر من خلالها إن ياء المتكلم في “هزني” ،هي ذاتها تاء المخاطب
المقام إلى الذات مباشرة ،ثم ينتقل من العنوان إلى في الفعل “ارتمي َت” ،وهي أي ًضا ،كاف الخطاب في
لفظة “أمك” ،وقد أحال الضميرين إلى كلمة واحدة
أجزائها ،التي تعبر عن مقام ،يحاول من خلاله