Page 40 - merit el thaqafya 38 feb 2022
P. 40

‫العـدد ‪38‬‬   ‫‪38‬‬

                                                    ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

                                     ‫ثم تأتي به‬
                              ‫ولا يستوي طولها‬
                               ‫وما زاد ما زادها‬
                     ‫فقد تستوي كل تلك البنايات‬

                                 ‫في برزخ واحد‬
                         ‫قبل أن تستفيق الشمس‬

                                  ‫تفرش أثوابها‬
                      ‫وتبقى البنايات واقفة هكذا‬

                                      ‫على حالها‬
 ‫إنها رؤية فلسفية‪ ،‬أحالت الذات إلى شمس‪ ،‬سكنت‬

    ‫في مرحلة من مراحل دورانها‪ ،‬بين البنايات في‬
   ‫برزخ واحد‪ ،‬حيث قام هذا البرزخ بإخفاء حقيقة‬
    ‫تلك البنايات‪ ،‬مستغ ًّل سكون تلك الشمس‪ ،‬لكن‬
‫الشمس‪ /‬الذات‪ ،‬حين استفاقت تغيرت رؤيتها لهذا‬
 ‫المحيط‪ ،‬والذي يتمثل في البنايات‪ /‬الآخرين‪ ،‬فصار‬
    ‫الثابت متحو ًل‪ ،‬من وجهة نظر الذات‪ /‬الشمس‪،‬‬
 ‫رغم إصرار الآخر على ثباته‪ .‬فالإحالة المقامية هنا‪،‬‬
‫جعلت من الأشياء رمو ًزا‪ ،‬تلقي بظلالها على الواقع‪،‬‬
    ‫تما ًما كما فعلت الشمس حين كشفت من خلال‬
   ‫استفاقتها‪ ،‬حقيقة البنايات‪ ،‬وحجمها الطبيعي في‬
  ‫عالم الواقع‪ ،‬وكأن الشاعر أراد أن يوحي لكل من‬
   ‫أرد أن يتوصل إلى الحقيقة‪ ،‬أن يبتعد عن برزخه‬

               ‫الجامد‪ ،‬ليرى الأشياء على حقيقتها‪.‬‬
 ‫وقد يبدأ الشاعر نصه بإحالة مقامية خارجية‪ ،‬ثم‬
 ‫ينتقل منها إلى إحالاته الداخلية‪ ،‬ليكشف في النص‬

    ‫ذاته عن البعد الرمزي للأشياء من حوله‪ ،‬الذي‬
‫ساقه في بداية النص‪ ،‬ويميط عنه لثام هذه الرمزية‪،‬‬

     ‫وكأنه يميط اللثام عن ذاته التي كانت في بداية‬
‫النص تختبئ خلف تلك الاشياء‪ ،‬من ذلك ما جاء في‬
‫قصيدة “التدرج في لغة القول” من ديوان محاولات‬

                              ‫لا أعرف نهايتها”‪:‬‬
                                ‫الشوارع خاوية‬
                                  ‫وهي لم ترتق‬
                                 ‫كي أغوص بها‬
                                 ‫والعمائر نائمة‬
                                    ‫كي أحن لها‬
                                      ‫ولي طفلة‬

                    ‫لم تزل تتدحرج في لغة القول‬
                                 ‫وهي تحاورني‬
   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44   45