Page 116 - merit 38 feb 2022
P. 116
العـدد 38 114
فبراير ٢٠٢2 عبد الوهاب الملوح
(تونس)
الحياة حين ترويها رائحة جثة..
حول رواية «فاصلة بين نهرين»
لغفران الطحان
سردية التوازي
تكمن مشكلة نورس في حاسة الشم عنده التي
صارت تتحكم فيه وتحدد طبائع شخصيته ،حتى
أضحت حياته رهينة الرائحة التي يشمها ،وهو في
هذا لا يشبه في شيء جان باتيست غرونوي رغم
أن الاثنين يتمتعان بهذه الخصيصة التي ناد ًرا ما
يمتلكها الإنسان ،بما أنها محسوبة للحيوان ،ولئن
كان غرونوي يرصد العبق الجذاب والعطر
المثير الذي يسكر الجسد ومنه تنتشي الروح،
واستطاع أن يوظف هذه الملكة فيه لصالحه
فاستثمرها وربح منها الكثير ،فنورس
في رواية «فاصلة بين نهرين» وقع
ضحية حاسة الشم ،فهي التي شكلت
لديه أسلوب شخصيته ،وبالتالي خططت
لحياته ،ناهيك أنها حاسة لا تتأثر الا
بالروائح الزنخة المقرفة ،الروائح النتنه
التي جعلت من حياة هذا الرجل حياة
نتنه في مجملها ،وهو ما شعر به هو
نفسه ،مما جعل قرفه من ذاته يتعاظم
بشكل وبتضاعف من سيئ نحو الأسوأ،