Page 121 - merit 38 feb 2022
P. 121
نون النسوة 1 1 9
غفران طحان
(سورية)
الكتابة ..تلك التي أنقذتني..
(شهادة إبداعية)
مجا ًل لق ِّص حكاياتي المجنونة على إخوتي الذين كانوا عندما كنت صغيرة كنت ألزم ج َّدتي التي كانت
يضحكون منِّي حين أتلعثم ،أو أحاول تقليد صوت
الوحش .ولك َّن ج َّدتي كانت تص ُّر على أ َّنني خليفتها، تجعل من سهراتنا حفل ًة من خيال ،كانت حكاياتها لا
تحكي لي القصص في الليل عندما أنام بالقرب منها، تنتهي ،ومع أ َّن بعض الحكايات كانت تتك َّرر ،إلا أ َّن
لأحكيها أنا لإخوتي .أتقنت ف َّن الإلقاء ومسرحة ج َّدتي كانت قادرة على جعل الشخصيات تتص َّرف
بشك ٍل ُمغاير ع َّما كانت عليه في حكاية الليلة السابقة،
الحكايات ،وكنت دائ ًما أخترع نهاية أخرى للقصص، كنت أفتح عقلي وقلبي لك ِّل هذه الحكايات ،وقبل النوم
تضحك جدتي وهي تسعل ،وتقول :ليست هذه هي أصوغ للشخصيَّات عوالم جديدة ،أذكر أنني جعلت
لـ»أحمد الكسلان» أجنحة تجعله يؤ ِّدي ك َّل ما يريده
النهاية أيتها الشقيَّة.
في المرحلة الإعداد َّية كان الأمر مختل ًفا ،فلم تعد تلك من دون أن يبذل أ َّي جهد.
القصص تجعلني من الطالبات المميَّزات ،كانت الفتيات رحت أستخدم هذه الموهبة في حكايات أق ُّصها على
من حولي مشغولات بقصص الح ِّب ،وأنا لا أملك أن الأصدقاء ،صرت أحكي بيقين لا َل ْب َس فيه عن قز ٍم
أصوغ حكاية كهذه ،كنت أرتجف حين يتح َّدثن أمامي يشاركني غرفتي ،أحكي يومياته وتفاصيل حياته ،لا
عن علاقاته َّن .بل إنني كنت أشعر بأنني أخسره َّن أعرف ل َم جعلت من شريكي قز ًما ولم أتح َّدث عن ق َّطة
مع تلك القصص ،رحت أنغمس في الرسم ،هوايتي أو عن أ ِّي حيوان يمكن تربيته .بنت جيراننا نقضت
قصصي كلَّها حين أخبرت زميلاتي في المدرسة أنني
الأخرى ،وأبدع في ما َّدة التعبير ،كانت مواضيعي أسكن في بيت صغير ،وأنني أنام مع إخوتي الخمسة
َمثار إعجاب معلِّمة اللغة العربية دو ًما ،تعلِّقها على في غرفة واحدة ،وأننا لا نملك حتى تلفا ًزا ،وأنني أكذب
لوحة الإبداع في الص ِّف ،وتطلب من الطالبات تقليدي،
ولكنني كنت أتلعثم ،وأرتجف ،ويضيع صوتي حين في ك ِّل ما أقوله!
تطلب مني قراءة الموضوع أمام الصديقات ،وكأ َّنني مع صديقة واحدة فقط قالت لي :أح ُّب حكايات قزم ِك حتى
ابتعادي عن اختراع الحكايات فقدت مهارتي في الإلقاء.
القراءة كانت التفصيل الذي رافق عا َلي دو ًما ،بد ًءا من ولو كانت كذ ًبا .وكنت معها أستم ُّر في خ ْلق حكايات
قصص المكتبة الخضراء التي كنت أحفظها وأحكيها صديقي القزم« :فرفور».
أذكر أنني أخبرت ج َّدتي بما حدث ،فأفسحت لي