Page 7 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 7
افتتاحية 5
دمياط عشر سنوات كاملة ،وعندما عاد وأعطاهم دو ًرا في القاهرة حتى كانت سنة
للقاهرة عام 1819كان شي ًخا واهنًا ،فآثر ..1811سنة المذبحة.
الاعتزال حتى مات عام .1822 في هذا العام قلَّد محمد علي ابنه أحمد
الغريب بالفعل أن هذا الرجل الذي ارتكب طوسون باشا قيادة الجيش الخارج إلى
تلك الفظائع والمذابح حتى دانت له السلطة
بالكامل ،هو الذي ينسب إليه بداية التحديث نجد للقضاء على حركة محمد بن عبد
الوهاب ،بالاتفاق مع الإنجليز ،وقتها
في مصر ،فهو الذي ك َّون جي ًشا عظي ًما تشاور مع وزيره محمد بك لاظ أوغلي،
حاصر به الأستانة ،وقضى على الدعوة الشهير بلاظوغلي ،ودعا -بنا ًء عليه -رجال
الوهابية المتش ِّددة في نجد ،وأنشأ الأسطول الدولة وأعيانها وكبار الموظفين العسكريين
المصري ومصانع السفن ،وهو الذي بعث والمدنيين وزعماء المماليك ليشهدوا حفل
الإرساليات العلمية إلى أوروبا لنقل العلم تنصيب نجله ،فلبَّى 470مملو ًكا الدعوة،
وأسبابه ،وكان من ضمن المرسلين الشيخ وحضروا إلى القلعة في أزهى الملابس
رفاعة رافع الطهطاوي الذي ألف كتاب والزينة ،وعندما بدأ الحفل تحركت القوات
«تخليص الإبريز في تلخيص باريز» ،وأنشأ الاحتفالية ناحية باب العزب بالقلعة ،ومعها
مدرسة الألسن لتخريج مترجمين يعرفون المماليك ،وعندها انفصل الجنود عن الموكب
اللغات الحية ،فبدأت حركة ترجمة كبرى وصعدوا المرتفعات ،وأمطروا المماليك بوابل
وحركة تنوير ،أدت فيما بعد إلى ثورة 1919 من الرصاص فقتلوهم إلا واح ًدا استطاع
التي قادها هؤلاء المتنورون ،مواكبة لإنشاء الهرب ،ومن لم يمت منهم بالرصاص
المطبعة وإصدار الصحف والحركة المسرحية ذبحوه ،وقيل إن دماءهم ملأت الحي
ووضع أول دستور مصري ،وأول برلمان.. الملاصق لباب العزب ومكثوا وقتًا طوي ًل
حتى تخلصوا من الدماء ،ف ُس ِّم َي «الدرب
إلخ.
المفارقة الأكبر أن «موجة التحديث الثانية» الأحمر».
جاءت على يد رجل لا يقل ديكتاتورية عن قبل المذبحة بسنوات ثلاث كان محمد علي
محمد علي هو جمال عبد الناصر ،الذي بنى قد تخلَّص من السيد عمر مكرم (-1750
السد العالي وأنشأ الصناعات الثقيلة وجعل )1822وهو أزهري ولد في أسيوط وكان
نقيبًا للأشراف ،وقاد جموع الناس في ثورة
التعليم العالي بالمجان ،وتو َّسع في إنشاء القاهرة عام 1800ضد الفرنسيين ،وقادهم
المدارس والمعاهد وأصدر القوانين الاشتراكية للثورة على خورشيد باشا ،ثم جاء بمحمد
علي ليحكم مصر وتو َّسط له عند الباب العالي
التي تحفظ حقوق العمال ،وأصدر قانون لتعيينه ،وهو ما حدث .لم يسترح محمد علي
تحديد الملكية الزراعية المعروف بـ»قانون للشعبية التي يحوزها عمر مكرم ،خاصة أ َّنه
الإصلاح الزراعي» ،قبل أن تنكسر كل تلك كان ضمن المعترضين على فرض ضرائب
«الإنجازات» على صخرة الهزيمة المذلَّة في جديدة عام ،1809وشى به بعض زملائه
يونيو ،1967التي عانينا وما زلنا نعاني
من آثارها حتى اليوم بعد مرور أكثر من الأزهريين عند محمد علي لينالوا فرصة
نصف قرن ،ليعيد انكسار مشروع محمد التقرب منه ،كالشيخ محمد المهدي والشيخ
علي بسبب الفساد والاستهتار والاستعراض،
وهي النتيجة التي يهدف هذا المقال للوصول محمد الدواخلي ،فدعاه لمقابلته ،لكن عمر
مكرم رفض مقابلته إلا في بيت السادات ،لهذا
إليها :أن المشكلة الرئيسية للتحديث
-التنوير -المصري أنه تم تحت حراسة غضب محمد علي وعزله عن نقابة الأشراف
الطغيان ،وكتم الأصوات المخالفة وإقصائها وعين الشيخ السادات محله ،ثم نفاه إلى