Page 30 - merit 53
P. 30

‫العـدد ‪53‬‬  ‫‪28‬‬

                                                    ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬

    ‫ابن الإنسان في جوف الأرض ثلاثة أيام وثلاث‬           ‫إلى عدة أجزاء‪ ،‬فما كان نفسه أصبح حزمة من‬
  ‫ليال»(‪ .)11‬وهكذا تنتهي العنونة غامضة كما بدأت‪،‬‬      ‫الأضداد الملتبسة‪ ،‬يسكن الحي في جوف الميت فما‬
‫مراوغة مخاتلة كما أراد لها الشاعر‪ .‬فتتأجل الدلالة‬     ‫كان بمقتضى الحركة خارج بطن الحوت في حكم‬

                    ‫ساكنة مستق ًرا جدي ًدا نجهله‪.‬‬       ‫الزمان‪ ،‬أضحى ثابتًا ينتظر الانبعاث من جديد‪.‬‬
                                                        ‫نحيل في هذا السياق إلى مقاربة الأستاذ الهادي‬
               ‫الخاتمة‬                              ‫عياد أستاذ النقد بجامعة ‪ 9‬أفريل التونسية لقصيدة‬
                                                      ‫«في جوف الحوت»‪ ،‬حيث يرى أنه من الضروري‬
  ‫لقد أفضى بنا الخوض في الرمزي إلى الإقرار بأن‬       ‫الانطلاق من بنية العنوان المتكون من أجزاء ثلاثة‪:‬‬
  ‫الشعر متى التبس بالإيحاء والحلم ُحف بالطرافة‬      ‫في‪ /‬جوف‪ /‬الحوت‪ .‬يحيل بناء العنوان على الذاكرة‬
  ‫وانتقل من الإقرار إلى السؤال الذي يتحول بدوره‬        ‫المسيحية القائمة على أركان ثلاثة‪ :‬الأب‪ /‬الابن‪/‬‬
  ‫إلى أسئلة جديدة حول الذات والوجود‪ .‬والحق أن‬           ‫الروح القدس‪ .‬كما تمتد جذوره للثقافة الكونية‬
‫الحديث في سياق العتبات أو طرق التشكل البصري‬             ‫جمعاء‪ ،‬فيحاور العنوان الدقات الثلاثة للمسرح‬
‫للقصيدة يحيلنا على كتاب جينيت‪ :‬عتبات (‪،)Seuils‬‬        ‫الإغريقي‪ ،‬وسرعان ما يعود لأحضان علم النفس‬
    ‫الذي اهتم فيه بالنص المتاخم (‪ )Paratexte‬من‬      ‫الفرويدية من خلال ثلاثية الأنا والأنا الأعلى والهو‪.‬‬
‫خلال العلامات المحيطة بالنص‪ ،‬والتي تخلق جدلية‬           ‫والرقم ثلاثة محاكاة للنبي يونان الذي بقي في‬
   ‫بين النص والنص المتاخم‪ ،‬فتكتسب القراءة بع ًدا‬       ‫جوف الحوت ثلاثة أيام مثلما حدثنا بذلك إنجيل‬
‫إيحائيًّا مضاع ًفا‪ ،‬مرده الصراع القائم بين النصين‪.‬‬      ‫متى في الاصحاح ‪ ،12‬أ ‪« 4‬فكما بقي يونان في‬
                                                     ‫جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال‪ ،‬هكذا سيبقى‬
          ‫وهو مدار القسم الثاني من قادم مبحثنا‬

                                                                         ‫الهوامش‪:‬‬

                                                                       ‫* كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة‪.‬‬
‫‪1- Camille Tarot,Le symbolique et le sacré, théories de la religion, Paris, édition la découverte,‬‬
‫‪2008: (..est un terme pétri d’équivoque et propre à favoriser chausse-trappes et illusions.), p. 19.‬‬
‫‪2- Tzvetan Todorov, Symbolisme et interprétation, Paris, Seuil, 1978,p.18.‬‬
‫‪« un texte ou un discours devient symbolique à partir du moment où, par un travail d’interpréta-‬‬
‫‪tion, nous lui découvrons un sens indirect».‬‬
‫‪3- «La pensée et le comportement symbolique sont sans aucun doute parmi les traits les plus‬‬
‫‪caractéristiques de la culture humane et le conditions mêmes de sonévolution…». Cassirer, Essai‬‬
‫‪sur l’homme, Paris, les Editions de Minuit, 1975, p. 47.‬‬

               ‫‪ -4‬علي الطويبي‪ ،‬الرمزي في شعر خليل حاوي‪ ،‬كلية الاداب والعلوم الإنسانية بسوسة‪ ،2021 ،‬ص‪.15‬‬
‫‪5- Jean Chevalier et Alain Gheerbrant, Dictionnaire des symboles, Paris, Ed. Robert Laffont, 1982,‬‬
‫‪p. XI.I.‬‬

        ‫‪ -6‬علي الطويبي‪ ،‬الرمزي في شعر خليل حاوي‪ ،‬كلية الاداب والعلوم الإنسانية بسوسة‪ ،2021 ،‬صص‪.16 -15‬‬
‫‪7- Tzvetan Todorov, Théories du symbole, Paris, Editions du Seuil, 1977, (La tradition que j’étudie‬‬
‫‪est si abondante que, pour peu qu’on l’étende à l’Occident plutôt que de la limiter à un seul pays,‬‬
‫‪elle ne peut être connue au cours d’une seule vie humaine. J’ai écrit, dans le meilleur des cas,‬‬
‫)‪quelques chapitres de l’histoire de la sémiotique occidentale.‬‬

                               ‫‪ -8‬رضا بن حميد‪« ،‬عتبات النص في حدث أبو هريرة قال‪ »..‬المقدمة والتمهيد‪ ،‬ص‪.10‬‬
                               ‫‪ -9‬رضا بن حميد‪« ،‬عتبات النص في حدث أبو هريرة قال‪ »..‬المقدمة والتمهيد‪ ،‬ص‪.14‬‬

                                           ‫‪ -10‬ديوان عبد الوهاب البياتي‪ ،‬قصيدة «عذاب الحلاج» صص‪.22 -21‬‬
                        ‫‪ -11‬الهادي عياد‪ ،‬الكتاب المقدس في المنجز الشعري العربي الحديث‪ ،‬دار سحر للنشر‪.2007 ،‬‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35