Page 126 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 126

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                         ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫وفـي حالـة خـروج النسـاء مـن البيـت يتحتـم‬                    ‫أحـ ارًار لهـم كل حقـوق الرجـال الأحـ ارر‪ ،‬وأولهـا أن‬
‫عليهـن ألا يظهـرن أي شـيء مـن فتنتهـن؛‬                        ‫الرجـل لـه عقـل وديـن‪ ،‬أمـا النسـاء فطالمـا هـن نسـاء‬
‫وذلـك بتغطيـة أجسـادهن وحفـظ فروجهـن‪،‬‬
                                                                ‫فـا أمـل فـي أن يكـون لهـن عقـل الرجـل ودينـه‪.‬‬
        ‫وعـدم إظهـار مفاتنهـن أو زينتهـن‪.‬‬
                                                              ‫ولأن الرجـل ‪ -‬وفًقـا للأعـ ارف والتقاليـد العربيـة ‪-‬‬
‫ويتضـح لنـا الآن السـبب الحقيقـي و ارء ذلـك‬                   ‫هـو أعقـل مـن المـ أرة وأحكـم‪ ،‬فقـد أصبـح مـن حـق‬
‫الحجـاب الـذي لـم يكـن موجـوًدا فـي بـدء الإسـام‬              ‫الرجل وحده (وليس الم أرة) أن يكون الحاكم والإمام‬
‫ولا فـي حيـاة «محمـد» (ص)‪ .‬لكنـه شـاع فـي‬                     ‫والمشـرع والوالـي؛ وأن مـن أول الشـروط الواجـب‬
‫المجتمعـات العربيـة بعـد ذلـك‪ ،‬ولا ازلـت بعـض‬
‫البـاد العربيـة حتـى اليـوم تحجـب نسـاءها بالكامـل‬              ‫توافرهـا فـي الإمـام (الحاكـم) أن يكـون «ذكـًار»‪.‬‬
‫كالمملكـة العربيـة السـعودية‪ .‬فالحجـاب لـم ينشـأ‬              ‫مـن كل مـا سـبق تقـوم نـوال السـعداوي بتلخيـص‬
‫لحماية الم أرة‪ ،‬وإنما أُنشـئ الحجاب من أجل حماية‬              ‫الأفـكار التـي ارتكـز عليهـا الفكـر الإسـامي فـي‬
‫الرجـل أسا ًسـا‪ .‬والمـ أرة العربيـة لـم تُ ْحَبـس فـي البيـت‬  ‫معالجـة مشـكلة الجنـس والمـ أرة‪ ،‬علـى النحـو الآتـي‪:‬‬
‫حمايـ ًة لهـا ولأخلاقهـا‪ ،‬وإنمـا هـى ُحِب َسـت حمايـ ًة‬
                                                              ‫	‪1.‬الرجـال قوامـون علـى النسـاء؛ لأنهـم ينفقـون‬
            ‫للرجـل ولأخـاق الرجـل‪( .‬ص ‪)71‬‬                     ‫مـن أموالهـم‪ ،‬ولأنهـم أكثـر عقـا وورًعـا‬
                                                              ‫وعل ًمـا وديًنـا‪ ،‬وللـزوج السـيادة‪ ،‬وعلـى الزوجـة‬
‫ولـم تختلـف المجتمعـات الشـرقية عـن المجتمعـات‬
‫الغربيـة فـي أن الضـرو ارت الاقتصاديـة هـى التـي‬                                              ‫ا لطا ع ـة ‪.‬‬
‫تتحكـم فـي القيـم الأخلاقيـة والجنسـية‪ ،‬وقـد اقتضـت‬
‫الضـرو ارت الاقتصاديـة فـي المجتمـع العربـي حريـة‬             ‫	‪2.‬تفريـغ طاقـات الرجـال فـي العبـادة والديـن‬
‫جنسـية واسـعة للرجـال مـن أجـل زيـادة النسـل‪.‬‬                 ‫والعلـم؛ وذلـك عـن طريـق تفـرغ النسـاء‬
‫والمعـروف أن تعـدد الزوجـات للرجـل يزيـد النسـل‪،‬‬              ‫لخدمـة الرجـال فـي البيـوت‪ ،‬مـن حيـث‬
‫أمـا تعـدد الأزواج فهـو يقلـل النسـل‪ .‬وكان المجتمـع‬           ‫المـأكل والمشـرب والمغسـل ورعايـة الأطفـال‬
‫العربـي يعانـي مـن ارتفـاع شـديد فـي نسـب الوفيـات‪،‬‬
‫وعليـه أن ُيعـوض هـذا بارتفـاع فـي نسـب المواليـد‪،‬‬                                          ‫وا لمس ـنين ‪.‬‬
‫كما أن قوة القبائل الاقتصادية والاجتماعية والقتالية‬
‫كانـت تقـوم علـى القـوة العدديـة أسا ًسـا‪ ،‬فـي مجتمـع‬         ‫	‪3.‬إشـباع رغبـات الرجـل الجنسـية حتـى يصفـو‬
‫لـم يكـن يعـرف الآلات والأسـلحة الحديثـة بعـد‪ .‬وفـي‬           ‫قلبـه للعبـادة ويشـحذ عقلـه لخدمـة العلـم‬
‫تلـك المجتمعـات الصح ارويـة الفقيـرة نسـبًّيا لـم يكـن‬        ‫والمجتمـع‪ .‬ويتـم ذلـك الإشـباع عـن طريـق‬
‫الأطفـال يمثلـون عبًئـا مادًّيـا‪ ،‬بـل كانـوا أدوات إنتـاج‬     ‫النـكاح‪ ،‬مـن أجـل التناسـل ومـن أجـل تـذوق‬
                                                              ‫أحـد متـع الجنـة للتسـابق إلـى دخـول الجنـة‪.‬‬
        ‫للعمـل برعـي الإبـل والماشـية‪( .‬ص ‪)60‬‬                 ‫وللرجـل الحـق فـي إشـباع رغباتـه بالكامـل‬
                                                              ‫بـأي عـدد مـن الزوجـات والإمـاء والجـواري‪.‬‬
‫وتُمِثّـل المـ أرة للرجـل خطـًار وخوًفـا قدي ًمـا مرتب ًطـا‬
‫بالجنـس؛ ولذلـك هـو يريدهـا طاهـرة كاملـة أو غيـر‬                                            ‫( ص ‪)7 0‬‬
‫أنثـى‪ ،‬ويريدهـا كالمـاك الضعيـف المسـتكين‪ ،‬لكنـه‬
                                                              ‫	‪4.‬خطـر المـ أرة شـديد‪ ،‬وفتنتهـا قويـة مهلكـة‪ ،‬ولا‬
                                                              ‫بـد مـن حمايـة الرجـال مـن فتنـة النسـاء؛ وذلـك‬
                                                              ‫بحبـس النسـاء فـي البيـوت؛ فالرجـل معـرض‬

                                                                             ‫للهـاك إذا استسـلم للنسـاء‪.‬‬

‫فـي الوقـت نفسـه يشـتهي الأنثـى‪ ،‬ويشـتهي فتنتهـا‬              ‫	‪ُ5.‬يحظـر علـى النسـاء الخـروج مـن البيـت إلـى‬
‫وسـحرها‪ .‬ويعبـر توفيـق الحكيـم عـن ذلـك التناقـض‬              ‫عاَلم الرجال الخارجي إلا للضرورة القصوى‪،‬‬

                                                              ‫‪126‬‬
   121   122   123   124   125   126   127   128