Page 112 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 112

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                    ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫جديـدا مـن روافـد علـم النفـس والطـب النفسـي‪ ،‬وهـو‬       ‫موثقـة فـي كتـاب بالاسـم نفسـه عـام ‪1969‬م وقـال‬
‫محـل التنـازع بيـن الأطبـاء والمتخصصيـن فـي علـم‬         ‫فـي تصديـره‪“ :‬إن العنصـر البشـري جـزء مهـم مـن‬
‫النفـس‪ .‬وقـد حسـم سـويف هـذا التنـازع بد ارسـته هـذا‬     ‫مقومات أي ميدان من ميادين الصناعة أو الز ارعة‬

‫ال ارفـد الجديـد فـي معهـد الطـب النفسـي بجامعـة لنـدن‬   ‫أو التجـارة أو الحـرب‪ ،...‬ولكـي نحـرك الإنسـان‬
‫وحصولـه علـى دبلـوم علـم النفـس الإكلينيكـي ليكـون‬       ‫بالكفـاءة التـي تقتضيهـا مطالـب الحيـاة فـي المجتمـع‬
‫أداة علميـة يعالـج بهـا المـرض النفسـي‪ .‬ويثبـت‬           ‫الحديـث لا بـد لنـا مـن أن نهتـدي بتطبيقـات علـوم‬

‫الإنسـان‪ .‬لا بـد مـن اللجـوء إلـى العلـوم التـي تكشـف أقدامـه فـي أحـد مجـالات تخصصـه وهـو «ظواهـر‬

                             ‫لنـا عـن قوانيـن الطبيعـة البشـرية لكـي نسـتعين بهـا المـرض النفسـي»‪.‬‬
‫علـى تطويـع الطبيعـة البشـرية‪ ..‬هـذه هـي القضيـة”‪ .‬ومعالجـة انح ارفـات السـلوك لـدى الإنسـان فـي‬

‫والمسـئولية الاجتماعيـة للعلـم هـي التـي وسـعت مصـر‪ ،‬ووعـي سـويف بهـا وبأهميتهـا دعـاه إلـى‬
‫مجـالات التخصـص لـدى مصطفـى سـويف‪ .‬فقـد تنـاول مـرض مـن الأمـ ارض الاجتماعيـة المنتشـرة‬

‫فـي معظـم الطبقـات وهـو “تعاطــي المخــد ارت” –‬          ‫كانـت عينـه علـى مناطـق التخلـف الاجتماعـي فـي‬
‫وهـو المجـال الثانـي مـن مجـالات تخصصـه الـذي‬            ‫مصـر منـذ بدايـات وعيـه حتـى حصولـه علـى درجـة‬
‫حقـق فيـه تواصـا عظيمـا مـع المنظمـات الدوليـة –‬         ‫الدكتـو اره‪ .‬وبـؤرة هـذا التخلـف هـي غيـاب المنهـج‬

‫العلمـي فـي التعامـل مـع الإنسـان باعتبـاره أهـم بعـدة أبحـاث‪ ،‬أهمهـا الكتـاب الـذي كتبـه تحـت اسـم‬

‫مقومـات العمـل والتقـدم فـي كل المياديـن‪ .‬لذلـك لـم “المخــد ارت والمجتمــع” اسـتهدف بـه القـارئ غيـر‬
‫يكـن بحثـه عـن سـيكولوجية الإبـداع فـي الماجسـتير‪ ،‬المتخصـص‪« ،‬لـم نقصـد بهـذا الكتـاب أن نوجـه‬

‫ولا بحثـه عـن سـيكولوجية التكامـل الاجتماعـي فـي الخطـاب إلـى المتخصصيـن فـي أي فـرع مـن فـروع‬

‫الدكتـو اره بكافييـن لتحقيـق مـا طمـح إليـه مـن ضـرورة المعرفة العلمية التي تمس مشكلة تعاطي المخد ارت‪،‬‬
‫فهـم الإنسـان وتطويـر قد ارتـه‪ ،‬ومعالجـة انح ارفـات ومـن ثـم فلـن يكـون الحديـث فيـه بأسـلوبهم‪ .‬لكننـا‬

‫السـلوك لديـه‪ ،‬فذهـب إلـى لنـدن ‪1955‬م ليطلـب نتجـه بالحديـث إلـى غيـر المتخصصيـن مـن القـ ارء‬

‫الذيـن يهمهـم أن يتعرفـوا الحـدود بيـن الحقيقـة والوهـم‬  ‫أمريـن جديديـن فـي علمـه وهمـا‪( :‬المنهـج‪ ،‬وعلـم‬
‫فـي هـذا المجـال‪ .‬وهـم الآبـاء والأبنـاء‪ ،‬والمربـون‬                                 ‫النفـس الإكلينيكـي)‪.‬‬
‫والتلاميـذ‪ ،‬والرجـال والسـيدات‪ ،‬والإعلاميـون ومتلقـو‬
‫رسـائل الإعـام‪ ،‬والسياسـيون والمواطنـون غيـر‬             ‫ففـي المنهـج‪ :‬اكتشـف أن بحثيـه اللذيـن أنجزهمـا‬
‫المكرسـين للاشـتغال بالسياسـة‪ .‬كمـا يثيـر الاهتمـام‬      ‫فـي مصـر ‪ -‬مـع أهميتهمـا ‪ -‬اعتمـد فيهمـا علـى‬
‫لـدى بعـض المتخصصيـن مـن زوايـا النظـر المغايـرة‬         ‫المنهـج الكيفـي لا الكمـي‪ .‬فقـد كان مـن الضـروري‬
‫لتخصصاتهـم‪ .‬هـؤلاء جميعـا هـم جمهـور القـ ارء‬            ‫اسـتخدام التحليـل الإحصائـي لبيانـات الاسـتخبار‬
‫الذيـن يخاطبهـم الكتـاب بمضمـون المعلومـات‬               ‫الذي استخدمه‪ .‬ومن هنا اتجه إلى د ارسة الإحصاء‬
‫التـي يقدمهـا‪ ،‬وبالأسـلوب الـذي اخترنـاه ارجيـن أن‬       ‫والمنهـج الكمـي فـي د ارسـة البحـوث النفسـية‪ .‬وأيقـن‬
‫يكـون أسـلوبا وسـطا بيـن مقتضيـات التحـرج العلمـي‬        ‫أنـه بـدون الإحصـاء والمنهـج الكمـي لـن يتمكـن‬
                                                         ‫مـن الاسـتم ارر فـي مواكبـة البحـث العلمـي فـي هـذا‬
                    ‫ومطالـب يسـر الاسـتيعاب‪”.‬‬            ‫المجـال ودرس هـذا المنهـج الكمـي فـي جامعـة لنـدن‬

‫ومن ثم‪ ..‬فإن المحور الأسـاس الذي بنى سـويف‬                    ‫وسـمى هـذا المسـعى بتجويـد العلـم‪.‬‬

‫أمـا علــم النفــس الإكلينيكــي‪ :‬فقـد كان ارفـدا عليـه علمـه ومجالاتـه‪ ،‬هـو المحـور الاجتماعـي‪.‬‬

                                                         ‫‪112‬‬
   107   108   109   110   111   112   113   114   115   116   117