Page 74 - مجلة التنوير العدد الخامس
P. 74
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
أن تهـب الجسـد الفانـي إلـى وليدهـا – إن الله هـو من البعد المتفاوت أدركه مسـتديًار إذا كان متسـاوي
الـذي ُيخصـب فكرنـا «بكلمتـه» ،إنـه ليـس فحسـب الأقطـار ومسـتطيلا إذا كان مختلـف الأقطـار...
السـيد الداخلـي أو المسـيطر الباطنـي بوصفـه صوتًـا وأمثـال هـذه المعانـي كثيـرة وكثيـرة الأنـواع .وجميـع
يهمـس فـي أذن العقـل ،وإنمـا هـو النـور الـذي يجعلـه مـا يدركـه البصـر علـى هـذه الصفـة فهـو غالـط
يـرى أو هـو «النـور الحقيقـي الـذي ُينيـر كل إنسـان في ـه»)20(.
إذن فالأغـاط أو المغالطـات الناشـئة عـن آت إلـى العالـم»)22(.
الصـور أو الم اريـا المختلفـة ،والتـي أثـارت فلاسـفة وإذا انتقلنـا إلـى عصـر النهضـة الأوروبيـة وجدنـا
مثـل« :أفلاطـون» و»أبوليـوس» ،قـد صيغـت محاولـة لمعرفـة الله أو المجـد الإلهـي مـن خـال
صياغـات رياضيـة مـع ب ارهيـن هندسـية ،وأخـذت آثـاره وصـوره ،ويتضـح هـذا ممـا كتبـه السـير «والتـر
شـكل النظريـات عنـد «إقليـدس» –323( Euclidارلـي» )1618–1552( RaleighSir Walter
)283B.Cو«هيـرون السـكندري» Heron ofعـن «تاريـخ العالـم» ،يقـول« :إننـا نـرى ظـل طلعـة
)180A.D–125(Alexandriaو»ابن الهيثم» .الله البهيـة فـي أنـوار السـماوات المجيـدة ،وفـي كفالتـه
فعلـم الصـورة أو الم اريـا – سـواء بالنسـبة إلـى علمـاء الرحيمـة لـكل مـن يحيـا فـي كنـف خيـره العظيـم،
الرياضـة أو الفلاسـفة أو الشـع ارء – هـو علـم الوهـم وأي ًضـا فـي إيجـاده للعالـم فـي مجموعـه وخلقـه
إيـاه مـن العـدم عـن طريـق القـدرة المطلقـة لكلمتـه والخيـال والخـداع.
وفـى العصـور الوسـطى المسـيحية حـذر القديـس وسـلطانه وجبروتـه»)23(.
«أوغسـطين» )430–354( Augustine .stويـؤدى بنـا هـذا النـص إلـى مـا قـام بـه مفكـرو
مـن تلـك الرغبـة البصريـة التـي تحـول عقولنـا بعيـًدا عصـر النهضـة -ومـن قبلهـم فلاسـفة العصـور
عـن الاهتمامـات الروحيـة ،إنهـا الرغبـة التـي ترتبـط الوسـطى -مـن اسـتخدام لمجـاز صـورة العالـم لبيـان
بحـب الاسـتطلاع أو الفضـول المعرفـي التـي تحـدث فكـرة فلسـفية مفادهـا أن العالـم ليـس سـوى بنـاء
عنهـا خـال تصنيفـه لمـا أسـماه «شـهوة الأعيـن»؛ تسلسـلي بالـغ الإتقـان ،أي أنـه مؤلـف مـن سلسـلة
ففـي مقابـل المتعـة البصريـة المرتبطـة بالجمـال ،مت اربطـة الحلقـات أو الم ارتـب ،وكل مرتبـة فيـه
فـإن الفضـول – فـي أرى «أوغسـطين» – يتحاشـى تعكـس جوهـر أو نظـام المرتبـة الأخـرى؛ فيصبـح
الجميـل ،ويذهـب و ارء نقيضـه تما ًمـا ،مـن أجـل لـذة كل شـيء منعك ًسـا فـي كل شـيء ،والسلسـلة هنـا
الاكتشـاف والمعرفـة؛ فيجتـذب الفضـول المشـاهد مـا هـي إلا صـورة تعبـر عـن حـال الكمـال والإحـكام
الـذي يميـز خلـق الله. نحـو المناظـر غيـر المألوفـة وغيـر الجميلـة أي ًضـا.
إنـه يكـون مصحوًبـا برغبـة فـي المعرفـة لذاتهـا ،وهـي
وارتبطـت د ارسـة «الصـورة» فـي تـ ارث المذاهـب رغبـة قـد تـؤدى بصاحبهـا إلـى الاهتمـام بالتحـولات
الفلسـفية الحديثـة بعـدة تيـا ارت رئيسـية تتمثـل فـي:
المذهـب المـادي ،والمذهـب الروحـي ،والمذهـب المرتبطـة بالسـحر والعلـم)21(.
وقـد تحـدث «أوغسـطين» عـن نظريـة «الإشـ ارق» الفينومينولوجـى ،والمذهـب الوجـودي .وقـد عـول
أو «الشـعاع» ،و أرى أن كل حكـم صـادق يفتـرض المذهـب المـادي فـي تفسـير علاقـة الصـورة بـالإد ارك
إشـ ارقة طبيعيـة مـن الله علـى الذهـن ،فالعقـل الـذي علـى فكـرة «التداعـي» التـي تـؤول إلـى تصـو ارت
ُخلـق مـن العـدم لا يسـتطيع أن ينتـج الضـروري؛ ت اربطيـة تتحـرك فـي نطـاق سـيكوفيزيائى يحلـل
أي الوجـود الحـق – تمامـاً كمـا أن الأم لا تسـتطيع العمليـات السـيكولوجية بـرده إلـى مـا يحـدث فـي
74