Page 52 - مجلة مؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي - العدد السابع
P. 52
المسئولية الجنائية لجرائم الروبوت الإنسآلة
"دراسة تأصيلية في ضوء نظريات قانون العقوبات "
ــــــــــــــــــــ
تامر حامد القاضي
يعيش العالم ثورة تكنولوجية غير مسبوقة ،شعارها الذكاء الاصطناعي ،وأدواتها تطبيقات متنوعة ،تحركها
تقنية خوارزمية دقيقة ،وهدفها ال ٌمعلن خدمة البشر في شتى مناح الحياة ،ثورة أخذت تتعمق في النظم ،فقد حظيت بالتأييد،
بل أصبحت مح َل فخر وتباهي بين الدول والشركات العالمية ،وبل أضحت إشارة للتطور التكنولوجي الذي لا مثيل له
سابقاً ،ولعل الروبوت الإنسآلة الذي أحدث إرباكاً ما بين الاعتماد عليه في المجال الطبي والخدماتي المتنوع والتعليمي
والعسكري والقانوني وغيرها من المجالات.
تلاقي التطور التكنولوجي في استحداث الإنسآلة مع موجبات تدخل القانون لتنظيم الحماية القانونية ،لأن كل
تصرف لا بد أن ينظم في ضوء السلوك المراد وفق حكم القانون ،ولما كانت نصوص الأخير جمعت ما بين الأقدمية
والحداثة ،إلا أنها جاءت خالية من تنظيم أحكام المسئولية الجنائية المترتبة عن جرائم الروبوت الإنسآلة ،ومع هذا التدخل
والتطور التكنولوجي وغياب النص القانوني ،عملت دراستنا على اتباع منهجية البحث التأصيلي النظري القائم على تحليل
نظريات القانون الجنائي في القسم العامة لضبط أحكام المسئولية الجنائية في جرائم الروبوت ،ولتشكل آفاق مستقبلية نحو
تنظيمها في قانون خاص أو تعديل في النصوص القائمة.
قُسمت دراستنا إلى ثلاث مطالب بينت ماهية الروبوت ،والجدل الفقهي حول شخصيته القانونية ،ومن ثم عملنا
على تأصيل المسئولية الجنائية الناشئة عن جرائم الروبوت في ضوء قواعد ونظريات قانون العقوبات ،وهي الخطة التي
أظهرت عدة نتائج وتوصيات أهمها صلاحية النظرية العامة في قانون العقوبات على تنظيم أحكام المسئولية الجنائية في
جرائم الروبوت ،والتوصية إلى الإسراع في تنظيم أحكام هذه المسئولية والتراخيص وغيرها من الأحكام في قالب
تشريعي محدد.
فجوة المسئولية القانونية للذكاء الاصطناعي) (AIفي بيئة التقاضي عن بعد
ــــــــــــــــــــــ
تامر بركة
الذكاء الاصطناعي موجود في كل مكان ويتطور بسرعة ،مما يسهم في الاقتصاد العالمي ويؤثر على مختلف
جوانب الحياة .ورغم الفوائد العديدة التي يوفرها ،مثل تحسين الخدمات والإبداع والأمان ،إلا أنه يثير قضايا قانونية
وأخلاقية معقدة ،من بينها التأثيرات السلبية على الخصوصية والحقوق الأساسية .ويظل الخطاب القانوني حول الذكاء
الاصطناعي في حالة تغير مستمر ،مما يتطلب من القانونيين فهما عميقاً لهذه التقنية وتأثيراتها القانونية.
مع كل جيل جديد من الأتمتة ،تثار نقاشات حول ما إذا كان إدخالها إلى المجتمع سيؤدي إلى مشكلات قانونية أو
يخلق ثغرات في مجالي المسئولية المدنية والجنائية .ففي المجال الجنائي ،يمكن تتبع الجدل حول المسؤولية عن أفعال
الآلات إلى أوائل القرن التاسع عشر .وفي هذا السياق ،يمثل الذكاء الاصطناعي الحديث أحدث تطور في هذا النقاش،
حيث يتميز بالتعلم الآلي ) (MLواتخاذ القرارات الديناميكية ،مما يجعله أكثر تقدماً مقارنة بالأشكال السابقة من الأتمتة،
بما في ذلك الجيل السابق من الذكاء الاصطناعي القائم على القواعد.
وهنا نجد أن قانون "روي أمارا" ينطبق على هذه الحالة مثلما كان في النوبات السابقة من التحول التكنولوجي:
فنحن نميل إلى المغالاة في تقدير الآثار قصيرة الأجل ونقلل من شأن الآثار الأطول أجلا ،وقانون "روي أمارا" هو مبدأ
صاغه الباحث والمستقبلي الأمريكي روي أمارا ،وينص على أننا نميل إلى المبالغة في تقدير تأثير التكنولوجيا على
المدى القصير والتقليل من شأن تأثيرها على المدى الطويل.
تؤدي الثورة التكنولوجية إلى تغييرات جوهرية في مختلف نواحي الحياة ،حيث يشهد الذكاء الاصطناعي )(AI
نمواً هائلاً وتطبيقات جديدة في عدد متزايد من المجالات ،مثل الأمن ،والبيئة ،والتعليم ،والصحة ،والثقافة ،والتجارة ،إلى
جانب الاستخدام المتزايد للبيانات الضخمة .ومع دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجالات مثل العدالة وبحوث الجريمة،
مجلة ثقافة قانونية -عدد خاص بمؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي | 52Page