Page 63 - مجلة مؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي - العدد السابع
P. 63

‫وقد استخدمت أسلوب الدراسة المقارنة بين الشريعة والقانون‪ ،‬مع الاستعانة بمقاصد الشريعة الإسلامية بوصفها‬
‫إطارا نظريا ارتأيت أهمية استخدامه في إنارة مثل هذه الظواهر المستحدثة ذات الأثر البالغ على ما أمر الشرع بحفظه‬

                                                                       ‫من دين ونفس وعرض وعقل ومال ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫فارتأينا أن هذه المقاصد ينبغي أن تتخذ إطارا منهجيا لدراسة هذه الظاهرة المتنامية التي لو ترك لها العنان بلا‬

                                                                  ‫رادع لكرت على مقاصد الشرع بكثير من الإبطال‪.‬‬
‫فالمنحى الذي ننحو إليه‪ :‬أن لمقاصد الشريعة الإسلامية وظائف منهجية ينبغي أن تستثمر في المجال البحثي‪،‬‬
‫ومن ذلك أنها "تقوم بدور الوصل والتنسيق بين الأحكام الشرعية بعضها وبعض من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فإن المقاصد‬
‫الشرعية تربط بين الأحكام الشرعية وبين الأهداف الاجتماعية المقصودة من تنزيل الأحكام الشرعية على الواقعات‬
‫المتجددة‪ ،‬ومن هنا نلحظ أن المقاصد ‪-‬مثلا‪ :‬فيما يتعلق بنظم الحكم‪ -‬تشكل الآصرة التي تصل بين الأحكام التشريعية‬
‫وعلوم الإدارة‪ ،‬وفيما يتصل بأحكام المعاملات فإن المقاصد تشكل الآصرة لها مع علوم الأخلاق والمجتمع‪ ،‬كما أن‬

                                                           ‫المقاصد تجد مجالها الفسيح في نطاق السياسات الشرعية"‪.‬‬
‫يقول العلامة علال الفاسي‪" :‬وإنما ننظر في مقاصد الشريعة‪ ،‬ونرجع إلى السياسة الشرعية‪ ،‬باحثين عن طريق‬

                                                                ‫التفكير والنظر في الأحكام وإلحاق الأشباه بالنظائر"‪.‬‬
‫ومما يزيد من أهمية استحضار الأبعاد المقاصدية في هذا المقام‪ :‬أنا نجد عجز القوانين بمفردها عن مجاراة هذه‬
‫الطفرة المتسارعة بمتوالية هندسية‪ ،‬فارتأينا أن فائدة البحث الشرعي هي محاولة علاج قصور المنظورات القانونية عن‬

                                    ‫استيعاب حركة التطور عن طريق استلهام مكنات من داخل الفقه الإسلامي الوسيع‪.‬‬
                                              ‫وتأتي الدراسة على تمهيد ومبحثين وخاتمة‪ ،‬على النحو الآتي‪:‬‬
                                                      ‫المبحث الأول‪ :‬الذكاء الاصطناعي والسلم الاجتماعي‪.‬‬

                               ‫المبحث الثاني‪ :‬التنظيم القانوني للذكاء الاصطناعي بين الشخصية والمسؤولية‪.‬‬

             ‫الإطار القانوني للذكاء الاصطناعي‬
                     ‫ـــــــــــــــــــــــــ‬

‫هبة الحسيني‬

‫أصبح الذكا ُء الاصطناع ُّي يؤدي دو ًرا أساسيًا في حياتِنا اليومية ‪ ،‬بد ًءا من تشخي ِص الأمرا ِض بدقّة ‪ ،‬مرو ًرا بتحلي ِل‬
                   ‫البيانا ِت الاقتصادية ‪ ،‬وتسهي ِل العملي ِة التعليمية ‪ ،‬وصولًا إلى المساعد ِة في اتخا ِذ القرارا ِت القضائية ‪.‬‬

‫وتهدف هذه الورقة إلى استعراض ملامح الإطار القانوني للذكاء الاصطناعي‪ ،‬والتحديات التي يواجهها‪ ،‬والفرص‬

                    ‫التي يتيحها‪ ،‬وذلك في سبيل تحقيق تواز ٍن بين التطور التكنولوجي وحماية الحقوق الأساسية للأفراد‪.‬‬
                                                                             ‫الإطار المفاهيمي للذكاء الإصطناعي ‪:‬‬

‫هو فرع من فروع علوم الحاسوب يهتم بتطوير أنظمة وبرامج حاسوبية قادرة على محاكاة القدرات البشرية مثل‪ :‬الفهم ‪،‬‬
‫التعلم ‪،‬اتخاذ القرارات ‪ ،‬وتهدف هذه الأنظمة إلى تنفيذ مهام تتطلب عادةً ذكا ًء بشر ًيا ‪ ،‬مثل التع ّرف على الصوت‬

                                                ‫والصورة ‪ ،‬وفهم اللغة ‪ ،‬وتحليل البيانات‪ ،‬والتصرف في بيئات معقدة‪.‬‬

                                                                              ‫وله تطبيقات كثيرة ومتنوعة‪ ،‬وتشمل‪:‬‬

‫‪ -‬خوارزميات التوصية ‪:‬مثل الموجودة في ‪ YouTube‬و ‪Netflix‬و‪ ،Amazon‬حيث تقترح عليك محتوى أو منتجات‬

                                                                                              ‫بنا ًء على تفضيلاتك‪.‬‬

‫‪ -‬المركبات ذاتية القيادة ‪:‬مثل سيارات‪ ، Tesla‬التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لفهم البيئة واتخاذ قرارات في الوقت‬

                                                                                                          ‫الحقيقي‪.‬‬

         ‫‪ -‬أنظمة التشخيص الطبي ‪:‬تساعد الأطباء في تحليل صور الأشعة والفحوصات وتشخيص الأمراض بدقة أكبر‪.‬‬

‫مجلة ثقافة قانونية ‪ -‬عدد خاص بمؤتمر القانون والذكاء الاصطناعي | ‪63Page‬‬
   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68