Page 103 - merit 53
P. 103

‫‪101‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫القصة في تونس‬

                   ‫وأنها ُر‪ ،‬وتظلين يا راية واقفة‪،‬‬        ‫أعشقها‪ .‬ومع كل طلقة أُطلقها في‬
 ‫منتصبة‪ ،‬شامخة تنتظرين ضغطة من إصبعي على‬                ‫صدر مغتصبي أ ْخ َتلي برايتي‪ ،‬أضمها‬
  ‫الزر الخصيب ل ُيطفئ روح مغتصبي‪ .‬يمتلئ قلبي‬
                                                         ‫إلى صدري‪ ،‬أستنشق ريحها‪ ،‬فأشم رائحة‬
    ‫غي ًظا على أم ُذ ِبح ْت‪ ،‬وحبيبة اُغ ُتصبت‪ ،‬وفحولة‬      ‫الثرى في َع َرقها‪ ،‬ويملأ عبق البرتقال والزيتون‬
     ‫ُخصي ْت‪ ،‬ورجال أرهب ْت‪ ،‬وشيوخ قتل ْت‪ ،‬وأجنة‬           ‫رئتي‪ ،‬أمرر راحتي بلطف على عودها النحاسي‬
  ‫أجهضت‪ ،‬وبطون ُبقرت‪ ،‬وأعراض هتك ْت‪ ،‬وبيوت‬                  ‫الأملس‪ ،‬أتحسس بأناملي تضاريسها وأداعب‬
                                                            ‫نتوءاتها‪ ،‬ألثم جبينها وأمرر شفتي الغليظتين‬
         ‫هدم ْت‪ ،‬ومساجد دمرت‪ ،‬وأشجار ُقطع ْت‪.‬‬
‫كيف أنسى ي ًدا سرقت مني ذكورتي‪ ،‬وحولتني إلى‬              ‫على كل جزء منها بمنتهى البطء‪ ،‬أدفن رأسي بين‬
                                                         ‫ثدييها وأغمض جفني وأسافر في ثناياها البعيدة‪،‬‬
   ‫شبه‪ ،‬إلى مسخ؟ كيف أنسى تلك الكلمات‪« :‬رجل‬               ‫آه يا راية كم أنا في حاجة إلى حضنك المغتصب!‬
 ‫ولست برجل»؟ قلبي ليس بقمر زاه‪ ،‬قلبي صخرة‬
   ‫يابسة‪ ،‬لا تنبت عوس ًجا ولا ريحا ًنا‪ ،‬ولا ياسمينًا‬        ‫كلما لمستك يتصبب جسدي عر ًقا‪ ،‬يرتعش كل‬
‫ولا أقحوا ًنا‪ ،‬قلبي يدق عندما يسمع «عملية فدائية»‪.‬‬        ‫ما ف َّي ويعلو صدري وينخفض‪ ،‬تتصلب ذراعاي‬
                                                       ‫ورجلاي‪ ،‬ويستنفر كامل جسدي إلا ذلك العود بين‬
           ‫دون تردد آخذ رايتي غير عابئ بالموت‪.‬‬            ‫فخذي يظل منك ًسا مرتخيًا دون حراك‪ ،‬وكأنه لا‬
                  ‫فيرد شيخي‪« :‬بورك َت يا زلمة»‪.‬‬          ‫ينتمي لهذا الجسد المتقد‪ ،‬أضرب رأسي على جذع‬
                                                           ‫راية الصلب المستنفر‪ ،‬وأصرخ بصوت مكتوم‪،‬‬
     ‫أرخي جفوني‪ ،‬ويصعد الدم إلى رأسي‪ ،‬تحمر‬
  ‫أذناي وأنطلق‪ ،‬أُح ِك ُم القبض على قضيب بندقيتي‪،‬‬
‫فأجده صلبًا‪ ،‬منتصبًا‪ ،‬متأهبًا لإثبات رجولة فريدة‬

                             ‫لا يعرفها مغتصبي‪.‬‬
   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107   108