Page 14 - merit 53
P. 14

‫العـدد ‪53‬‬                                      ‫‪12‬‬

                                            ‫مايو ‪٢٠٢3‬‬

  ‫البسيطة التي تنافس بساطة سردية خلق‬        ‫هابل ‪ Edwin Powell Hubble‬أن المسافات‬
      ‫الكون على تعقيده وأبديته (السموات‬      ‫إلى المجرات البعيدة مرتبطة بقوة بانزياحها‬
          ‫والأراضين السبع وعرش الماء)!‬      ‫الأحمر‪ .‬استنتج من ملاحظة هابل أن جميع‬
                                            ‫المجرات والعناقيد البعيدة لها سرعة ظاهرية‬
 ‫من الممكن أن تجد من يقول إن الفرضيات‬         ‫تختلف عن فكرتنا بأنها كلما بعدت‪ ،‬زادت‬
  ‫العلمية ناقصة ولا تعطي تفسي ًرا محك ًما‪،‬‬   ‫سرعتها الظاهرية‪ ،‬بغض النظر عن الاتجاه‪.‬‬
   ‫وهذا صحيح بدليل أنها بدأت من لحظة‬
  ‫الانفجار وليس قبلها‪ ،‬كما لا ُيعرف أصل‬        ‫بالطبع هناك نظريات أخرى حاول علماء‬
‫الحيوانات التي تطور منها الإنسان‪ ،‬لكن ما‬       ‫الفيزياء من خلالها (توقع) الطريقة التي‬
 ‫يشفع لها أنها تجتهد بالعلم‪ ،‬وأن الأدوات‬      ‫تشكل بها الكون‪ ،‬ونظريات أخرى تتحدث‬
   ‫تتطور باستمرار‪ ،‬وتتطور معها المعارف‬
   ‫ونكتشف كل يوم ما كنا نجهله‪ ،‬وهو ما‬             ‫عن نشوء الإنسان وارتقائه وتطوره‪،‬‬
‫ُيبقي الأمل موجو ًدا في اكتشافات جديدة قد‬     ‫بعي ًدا عن السردية الدينية التي تتحدث عن‬
                                               ‫خلق ذكر وأنثى من طين‪ ،‬آدم وحواء‪ ،‬ثم‬
            ‫تنجح يو ًما في إزالة الغموض‪.‬‬    ‫دفعهما إلى (الخطيئة) بأن يأكلا من الشجرة‬
‫في هذه المساحة حاولت أن أضع السرديتين‬       ‫المحرمة‪ ،‬بالتوازي مع عصيان ال َم َلك (إبليس)‬
‫متقابلتين‪ ،‬وإذا كن َت تتبع إحداهما (سردية‬   ‫ورفضه السجود لآدم‪ ،‬ثم الحكم بأن ينزلوا‬
                                            ‫ثلاثتهم إلى الأرض لكي تكون الحياة صرا ًعا‬
  ‫الدين أو سردية العلم)‪ ،‬فيبقى أن تعترف‬      ‫طوي ًل ج ًّدا بين الخير والشر‪ ،‬بين طاعة الله‬
    ‫أنه ليس ثمة دليل قاطع على أيهما‪ ،‬وأن‬
                                                ‫والانصياع لإغواءات الشيطان‪ ،‬ثم يكون‬
 ‫رأيك يحتمل الخطأ‪ ،‬ويحتمل رأي الآخرين‬        ‫الموت والثواب والعقاب‪ ..‬إلخ‪ .‬هذه السردية‬
‫الصواب‪ ،‬خاصة أن الأنبياء الذين تركوا لنا‬

                                                                        ‫الهوامش‪:‬‬

                            ‫‪ -1‬في الشعر الجاهلي‪ ،‬طبعة دار المعارف للطباعة والنشر‪ ،‬سوسة‪ -‬تونس‪ ،‬ص‪ 23‬و‪.24‬‬
‫‪2- https://map.gsfc.nasa.gov/universe/‬‬
‫‪3-https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8‬‬
‫‪%A7%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85#cite_note-4‬‬

  ‫‪ -4‬كانت هناك ظاهرة ُتحيِّر علماء الفلك‪ ،‬حتى ذلك الحين‪ ،‬وهي وجود أنوا ٍع من السديم أو غمام ٍة خارج مجرة درب‬
‫التبانة‪ .‬وكان إدوين هابل واح ًدا من هؤلاء يفحص هذه السدم في جبل ويلسون بواسطة تيليسكوب هوكر ‪ 100‬بوصة‪،‬‬

     ‫فلاحظ أن هناك نجو ًما تغير سطوعها بشك ٍل منتظم‪ .‬ولاحظ أن اللون الأحمر يتغيَّر نحو الطرف الأخير من طيفه‪.‬‬
                       ‫وبحسب ما يعرف بـ”تأثير دوبلير”‪ ،‬فسر هابل هذا التغيير بأنه يعود إلى ابتعاد المجرات عنا‪.‬‬

    ‫بعد التعمق بدراسة هذه الاستنتاجات‪ ،‬أعلن هابل ما أذهل كافة العلماء‪ ،‬وهو أن الكون يحتوي على ملايين المج َّرات‬
 ‫ومجموعات المج َّرات‪ ،‬وأن هذه المج َّرات تتح َّرك وتبتعد بعضها عن البعض الآخر بسرعة كبيرة ج ًّدا‪ ،‬وأن الكون بالتالي‪،‬‬

                                                                      ‫ولهذا السبب‪ ،‬يكبر ويتم َّدد بشكل مستمر‪.‬‬
  ‫كما حدد هذا التمدد بما أصبح يعرف بـ”قانون هابل”‪ ،‬وهو أن كل مجرة تبتعد عنا بسرعة تتناسب مع المسافة التي‬
‫تفصلنا عنها‪ .‬وهكذا‪ ،‬إذا كانت مجرة تبعد عنا ضعف ما تبعد مجرة أخرى‪ ،‬فإنها تبتعد بسرعة مضاعفة‪ .‬وهذه الحركة‬

                                                                                      ‫محكومة بالمعادلة التالية‪:‬‬
                                                                                                    ‫‪v = H0d‬‬

                                                                                           ‫‪ v‬هي سرعة التم ُّدد‬
                                                                                 ‫‪ d‬هي مسافة المجرة عن الناظر‬

                                                                                            ‫‪ H0‬هي ثابت هابل‬
    ‫وقد ح َّدد هابل هذا الثابت بـ‪ 500‬كيلومتر‪ /‬الثانية‪ /‬ميغابارسيك‪ ،‬أو ‪ 160‬كيلومت ًرا بالثانية بالمليون سنة ضوئية‪.‬‬

                                                                           ‫(مجلة القافلة‪ ،‬مارس‪ -‬أبريل ‪)2018‬‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19