Page 42 - merit 53
P. 42
العـدد 53 40
مايو ٢٠٢3
فنيًّا بتوافق ذوق الجماعة ،وجر ًيا على عرفهم ،من قائ ًما بذاته ،ويمكن أن نشير إلى أهمها فيما يلي:
حيث موضوعه وشكله ،ولأنه لا يتخذ شكله النهائي -التكثيف والاقتضاب ،فهو يستخدم الكلام القليل
قبل أن يصل إلى جمهوره شأن أدب المطبعة ،وأدب
ليدل على المعنى الكثير ،ويستعين «بإيجاز اللفظ،
الفصحى عامة ،بل يتم له الشكل الأخير من خلال وحسن المعنى ،ولطف التشبيه ،وجودة الكناية»(.)7
الاستعمال والتداول»(.)9 -أنه مجهول المؤلف؛ لأنه من الصعب أن نجد له
مؤل ًفا محد ًدا ،وما دام الأمر كذلك ،يمكن افتراض
-وكون المثل الشعبي شأنه شأن الأدب الشعبي،
فهو لا يخضع للتدوين في أول عهده بالحياة ،وإنما أنه من تأليف الجماعة طالما أنه لا يوجد مصدر
يؤكد هذه النسبة .وقد لاحظ «زايلر» أن «الشعب لا
ينتقل من خلال المشافهة ،وبعدها ُيصبح عر ًفا، يستطيع -بوصفه ك ًّل -أن يخلق شك ًل أدبيًّا مكتم ًل
ف ُيدون.
بأي حال من الأحوال ،وإنما يعتمد كل خلق وكل
-ينزع المثل الشعبي إلى توظيف اللغة العامية ،لكي ابتكار واكتشاف على شخصية مفردة .ولا بد أن
يبلغ جميع فئات الشعب المتعلمة والجاهلة. كل َم َثل قد نطق به فرد في زمان ومكان معينين.
فإذا مس المثل حس المستمعين له ،فهو حينئذ ينتشر
-يتميز المثل الشعبي بخاصية الثبات وعدم التغير بينهم ،وكأنه عبارة ذات أجنحة .وعندئذ يتعرض
في الدلالة ،فهو ُيتناقل كما ورد .وكما ُيقرر ذلك للتحوير والتهذيب حتى ُيوضع في قالبه القانوني
الزمخشري حيث ذهب إلى أن السر في ثبات المثل
هو أنه متمثل في نفاسة المثل وغرابته قائ ًل« :ولم بوصفه مث ًل شعبيًّا»(.)8
يضربوا مث ًل ،ولا رأوه أه ًل للتيسير ،ولا جدي ًرا وبناء عليه ،لا يمكن الحديث عن حجر أساس لهذا
بالتداول والقبول إلا قو ًل فيه غرابة من بعض النوع من الأدب ،فهو يتشكل من توافق الجماعة
الوجوه؛ ومن ثم حوفظ عليه و ُح ِمي من التغيير»(.)10 عليه وقبولها له كعرف من الأعراف الصادرة
-ينزع إلى الحكمة وتقديم مواقف لأخذ العبرة؛ لأنه عنها ،ولا يكتسب مكانته إلا من خلال التداول
والاستعمال ووجود من يذيعه وينشره؛ ذلك
«مرتبط أشد الارتباط بالحكمة ،فإذا سأل أحد منا أن أكثر ما يضمن له هذه الاستمرارية هو النقل
عن المثل يجيب تلقائيًّا بأنه حكمة ،وعلاقة التشابه الشفهي الذي يعد من أهم خصائصه؛ لأن النقل
بالمشافهة من الأشياء التي تجعل الأشياء عالقة
بينهما تأتي في مراحلها المعنوية الأولى من حيث في الذاكرة ،فالشعر الجاهلي ،مث ًل ،اعتمد على هذه
تعبيرهما عن محتوى التجربة والخبرة الحياتية(.)11
الوسيلة ما ُيقارب قرنين من الزمن.
-يوظف أحيا ًنا التكرار والوزن والإيقاع ،وهناك ولعل من
بعض الأمثال تأتي على صيغة الحكاية.
الأشياء التي
ولا بد من الإشارة هنا ،إلى أن هذه الخصائص تمتد تعطي لهذا
النوع من
الأدب قوة
هو أنه أدب
مجهول المؤلف،
وهذا لا يرجع
إلى أن الفرد
لا يتدخل في
إنتاجه؛ بل لأن
«الأدب الشعبي
يستوي أث ًرا