Page 46 - merit 53
P. 46
العـدد 53 44
مايو ٢٠٢3
فراس حج محمد
(فلسطين)
مواجهة الاضطهاد
بالكتابة ..نصوص ياسمين
كنعان نموذ ًجا
تؤكد الكاتبة ياسمين كنعان بحياتها وكتابتها كل السمات والمواصفات
التي يمكن أن توجد في واقع المرأة المضطهدة عمو ًما أو المرأة الكاتبة
المضطهدة على وجه الخصوص ،وذلك بمواراتها وراء اسمها المستعار
التي ألمحت له في هذه النصوص في غير موقع ،كقولها مث ًل« :إن مت مرة
أخرى لا تعيدوني إلى اسمي القديم» ،وبعدم مشاركتها في الحياة الثقافية
الواقعية ،وبحرمانها من التنقل بحرية والعيش بحرية ،وبحرمانها من
الكتابة بحرية دون أن تجد الرقيب الاجتماعي يلاحقها ،فيفرض عليها
عزلة مضاعفة ،تشعر بها وتخافها حتى وهي كاتبة تختفي وراء اسم
مستعار!
فالكاتبة لم تقل كل شيء بصراحة ،فقد بقيت توطئة في
جوانب كثيرة من حياتها متوارية إما بين السطور، مقالة لليو شتراوس بعنوان «الاضطهاد
وإما أنها محذوفة من الكتابة أص ًل ،على الرغم وفن الكتابة» ،يقول« :الاضطهاد ،يؤدي
إلى تقنية غريبة في الكتابة ،وذلك يعني
من أن البوح الذاتي ش َّكل في هذه النصوص الملمح
الأبرز لها ،كما سيأتي بيانه لاح ًقا في هذه القراءة. نو ًعا ممي ًزا من الأدب ،الأدب الذي
تعرض فيه الحقيقة تجاه الأمور الشائكة حص ًرا
لقد وصفت الكاتبة عملية الكتابة في أحد منشوراتها
بين السطور» ،إذ يفترض شتراوس أن كتابة
القصيرة على الفيسبوك بأنها «تمرين شاق على المضطهدين تنحى منحى التورية والتعمية خو ًفا
من الرقيب وتجنبًا للعقاب .وفي نصوص الكاتبة
المناداة ،يحدث أحيا ًنا أن ُيب َّح الصوت وينقطع الفلسطينية ياسمين كنعان شيء من هذا التعميم،
الوتر» .وليس هذا المنشور وحده ما يلفت نظر
الدارس لنصوص الكاتبة حول عملية الكتابة،
بل تجعل الكتابة محو ًرا رئيسيًّا في منشوراتها