Page 55 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 55
الأفلام التسجيلية والوثائقية
-1لا توجد على الشاشة خشبة مسرح ،الخشبة هي العالم نفسه العالم في حركة ،حتى في
الفيلم الروائي ،حتى في الاستديو الذي ُيعاد فيه بناء ديكو ارت مختلفة :قاط ارت وسيا ارت وبيوت.
-2كل القطة هي ذاتيا جزء من مقطع أو منظر مصور" ،فالأفلمة" تعني جعل الشيء مرئيا،
وتعني أكثر توجيه النظر (الانتباه) إلى ما هو مرئي في المشهد ،حتى في الفيلم الوثائقي كما
كان "هتشكوك" يسميه "قيادة الجمهور".
ومن ثم سعت السينما كفن بفضل المونتاج إلى تنفيذ التناوب بين هاتين القاعدتين ،فمن جهة
ينفذ التناوب ال ارهن عبر تسجيل /توثيق الصورة الفيلمية حتى في الفيلم الروائي ،ومن جهة
أخرى ينفذ التناوب بين ما هو خيالي /متصور عبر تناوب علاقة المكان والزمان ،عبر التدخل
الذاتي لمخرج الفيلم في تنفيذ اللقطة حتى في الفيلم الوثائقي حيث أن ثنائية واقعي /خيالي تشكل
بؤرة التعبير في تنفيذ أي فيلم ،فمن جهة يتم جعل المتصور ماديا (محسوسا) ومن جهة أخرى
ُيحّول العالم المادي إلى صور ،وهذا ما يجعل السينما تهز نظام تصو ارتنا المرئية ،عبر جعل
الصورة المادية تتداخل مع الصورة الافت ارضية وتلتحم معها لخلق حركة في كل تلك العلاقات
المكانية الزمانية مع بعضها البعض.
وقد ساهم اكتشاف المونتاج على يد المخرج "ايزنشتين" في تحديد ما سمي "بذاتية المخرج"،
أي أسلوبه ،عبر احساسه بالزمن (أي إنشاء تياره الذاتي للزمن من خلال الإيقاع (الإحساس
بحركة الزمن وجريانه) ،والذي تجلى في:
-1اثبات أن الصور في السينما الوثائقية تدل بواسطة ما تعرضه ذاته أيا كانت قيمة ما تعرضه
وبداهة معناه) بأقل مما تدل عليه بتنظيمها وإخضاعها لترتيب ،وتناسب (عبر المونتاج) ،بالشكل
الذي يمنح الفيلم تدفقه واستم ارريته.
-2منح المونتاج بصر المشاهد الفرصة لالتقاط (تلقي) الأحداث كما لو أنه ينتقل فعلا حول
تلك الأحداث ،ومما يعطي الانطباع بواقعية المكان ووقائعه ،أو كما كان يقول المخرج
"بازوليني" :من المعاينة نصل إلى اللقطة ،ومن الرسم المخطط نصل إلى السيكوينس (المقطع
أو المشهد الفيلمي) ،ومن بكرة الفيلم الواحدة نصل إلى الفيلم الكامل ،ومن الحادثة نصل إلى
الحكاية ،ومن حركية -الفيلم ،إلى زمانية -الفيلم (حركية عنصر ما في المشهد ،هي تغّير عبر
46