Page 63 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 63
الأفلام التسجيلية والوثائقية
مكانها البارز في الفضائيات التلفزيونية ،وتشكل الأفلام والب ارمج المتنوعة مصد ار هاما في
تعريف الملايين بكل ما يوجد من بشر وحيوانات ونباتات وكل ما يحدث على كوكبهم ،وبتنا
نتعرف على عادات الشعوب في كل مناطق الأرض ونتعرف على طبيعة وغ ارئز الحيوانات
البرية فوق الأرض والحيوانات البحرية تحت الماء أفلام(ناشونال ج ارفيك خير مثال) ،وأصبحت
الب ارمج التعليمية والترفيهية والد ارسية تؤلف الإنتاج الرئيسي في التلفزيون ،الذي استطاعت
محطاته أن تطور ،مع الزمن أنواعا له جديدة ،كما استطاعت الفضائيات التلفزيونية ،أن تنتج
بشكل حاسم ،سلسلة .من أنواع أسلوبية خليطة ،كالب ارمج والندوات والمجلات ،التي تسجل أنواع
الحوا ارت العلمية والسياسية والاجتماعية ،وتوظف في بثها عناصر بصرية وسمعية وغ ارفيكية
مختلفة ومتعددة ،لتعطي صورة شمولية للمواضيع التي تحتل في الواقع موقع الصدارة في
المجتمعات ،وتكسب اهتمام ملايين المشاهدين.
هذا وقد ظهرت في بداية الستينيات من القرن العشرين ،حركة في أوروبا الغربية اعتمدت منهج
تعبير ُسم ّي "سينما الحقيقة سينما فآريتيه" وهي حركة انطلقت من أعمال الأنثروبيولوجي الفرنسي
"جان روش :الذي صّور أفلامه في إفريقيا دون طموح فني كبير وبعين باحث في أصول وتقاليد
شعبية ،وتابع في فيلمه "أنا أسود" خلال النهار بواسطة كاميرته تصوير بعض الأفريقيين ،ساعيا
للكشف بمصداقية تسجيلية عن مستوى وعيهم في المدن الكبيرة ،ونجح ،إلى حد كبير ،في أن
يجعل المواطنين الأفريقيين الذين صورهم ،أن يعلقوا بأنفسهم على الصور الصامتة بشكل عفوي
وارتجالي وحقق فيلما توضيحيا مليئا بالتعاطف معهم ،وتابع تصوير أفلامه بطريقته الجديدة
والمؤثرة ،لكن أسلوبه في إج ارء المقابلات مع الناس الذين كان يختارهم ،جره إلى الاقتصار على
آ ارء متوترة ومثيرة ،وتبين بعدئذ أن منهجه الأنثروبيولوجي وأسلوبه يعج ازن عن كشف صورة
صادقة لآ ارء الناس في الحياة ،غير إن كريس" ماركير" ،وهو ينطلق أيضا من منهج سينما
الحقيقة ،عكس بوساطة أسلوب المقابلات المباشرة ،صورة صادقة للناس الذين قابلهم في فيلمه
الهام "ماي الجميل".
53

