Page 61 - محاضرات في الافلام التسجيلية والوثائقية
P. 61
الأفلام التسجيلية والوثائقية
أولا :مقدمة
في بدايات السينما وعن طريق الصدفة صور الأخوان "لوميير" فيلما عن طفل من عائلتهما وهو
يتناول فطوره في حديقة ،وكان هذا الفيلم بمنزلة "جنين" للفيلم الروائي ،وأخذا بعدئذ يصو ارن
مشاهد ذات طبيعة مرحة تبدو وكأنها تحصل أمام الكامي ار ،بينما كانت في واقع الحال مشاهد
ممثلة ،كمشهد العامل في الحديقة الذي يطارد صبيا تحايل رش وجهه بالماء ،أو رجل بوليس
وهو يطارد شحاذا يتظاهر بأنه مقعد ،وهكذا بدأ خطان أو منهجان سرديان في تاريخ السينما،
كل منهما طّور أنواعه العديدة ،كجنس فني له مواصفاته الخاصة ،منهجان مثل الواقعي الأول
منهما (منهج الإخوة لوميير) ،ومثل الخيالي الثاني منهما أفلام جورج ميليه) ،الذي أخذ شكله
التمثيلي الأول والمباشر من المسرح.
وهكذا تحول اخت ارع الصور المتحركة الجديد من صور متحركة تسجل للجمهور المبهور مناظر
عادية مثل الأمواج التي تتكسر على الشاطئ ،والقطا ارت التي تقطع شوارع المدن ،ومركبات
المطافئ وهي تندفع مسرعة في الشوارع والاستع ارضات العسكرية المنظمة ،إلى فن جديد ،وإذا
كانت السنيما ،قد أصبحت الفن السابع بين الفنون الأخرى ،رغم إن ولادتها كآلة نتجت من
أهداف علمية لا يمكن انكارها أو تجاهلها الا أن الآلة نفسها يسرت تطّور السينما كفن ،لهذا
ارتبط تطورها بالبصريات والكيمياء العضوية وعلم الميكانيكا .وترتب عنه قف ازت ،حققتها
التجارب العلمية ،لتجعل من السينما واحدة من الصناعات التقنية الفنية التي استطاعت بجهود
وابتكار العاملين في حقلها ،أن تصبح ،في الوقت نفسه ،فن القرن العشرين.
وقد ظهر في بدايات القرن العشرين عدة أنواع من الأفلام الواقعية ،يمكن القول أنها الأفلام التي
مهدت لوصول الفيلم الوثائقي إلى أشكاله المعاصرة ،وهي:
51