Page 36 - ثقافة قانونية العدد السادس- للنشر الالكتروني
P. 36
وفاء بنيامين :بين التحدى والإنجاز ظ ع��ي��مم نا� ت�
رحلة امرأة مصرية نحو التميز م�صر
لكن رحلتها لم تتوقف عند الطب وحده ،بل امتدت إلى قضايا فى قلب مجتمع تتضاعف فيه التحديات أمام المرأة ،وقفت طبيبة
المجتمع ،حيث انضمت إلى المجلس القومى لحقوق الإنسان والمجلس شابة على أعتاب حلمها ،مسلحة بشغف لا ينطفئ ورغبة لا تتزعزع
القومى للصحة النفسية ،لتصبح صو ًتا يدافع عن حقوق المرأة فى فى ترك بصمة حقيقية فى مجال الطب .لم يكن طريقها مفرو ًشا
الصحة الإنجابية ،ويعمل على القضاء على ختان الإناث ،وخفض نسب بالورود ،بل كان محفو ًفا بالتحديات ،من مناوبات لا تنتهي ،إلى
الولادات القيصرية غير الضرورية ،وتقليل معدلات وفيات الأمهات. قرارات مصيرية ُتتخذ فى لحظات فارقة ،لكن كل ذلك لم يزدها إلا
رأت أن دورها لا يقتصر على علاج الأفراد ،بل يمتد إلى إصلاح إصرا ًرا على النجاح.
بين الدراسة والسفر :رحلة
السياسات الصحية ،وتصحيح
المفاهيم الخاطئة ،ونشر التوعية، بحث عن المعرفة
لأن الطبيب الحقيقى لا يعالج كانت د .وفاء بنيامين تدرك
فقط ،بل يغير حياة مجتمعه نحو أن الطبيب الحقيقى لا يتوقف
الأفضل. عن التعلم ،فاختارت أن تجمع
التوازن بين العمل والأسـرة: بين الدراسة الأكاديمية والخبرة
تح ٍد لا ينتهي
الـعـمـلـيـة .بـــــدأت مـشـوارهـا
وســط مـسـؤولـيـاتـهـا المهنية بالحصول على الزمالة المصرية
والإدارية ،كان تحقيق التوازن بين فى أمـراض النساء والتوليد،
الحياة العملية والحياة الأسرية لكن طموحها دفعها أبعد من
ذلك ،فقررت خوض تح ٍد جديد
تحد ًيا آخر لا يقل أهمية .فهى
ليست فقط طبيبة وجـراحـة بالسفر إلــى المملكة المتحدة
متميزة ،بل أي ًضا زوجـة لرجل لاكـتـسـاب خـبـرة عـالمـيـة ،رغم
قانونى يعمل فى المجال العام،
التحديات الشخصية والعائلية.
لم يكن الأمـر سه ًل ،فالسفر
حيث يضطلع زوجـهـا الدكتور
جميل حليم حبيب ،عضو مجلس للدراسة والعمل فى الخارج أثناء
الشيوخ ،بالكثير من الالتزامات رعاية أسرة وأطفال كان تحد ًيا
المهنية والوطنية .ومع انشغال محطة كان أي ًضا ركئبيي ًرسا،يةلفكنىه
التميز، رحلتها نحو
كـل منهما فـى مـسـيـرتـه ،كـان
الحفاظ على التماسك الأسرى حيث حصلت على زمالة الكلية
وإعطاء كل جانب من حياتها حقه الملكية البريطانية ،وهى إنجاز
مهمة تتطلب الكثير من الجهد وضعها فى مصاف الخبراء فى
والتنظيم. مجالها.
لكن التحدى الأكبر لم يكن فى الجـراحـة والمـسـؤولـيـة :حين
إدارة الوقت فقط ،بل فى غرس تمتزج الدقة بالإنسانية
القيم والمبادئ فى بناتها الثلاث، لم تكن د .وفاء مجرد طبيبة،
اللاتى تربين على العمل الدؤوب، بل كانت جراحة متميزة ،اختارت
وإدراك قيمة الوقت ،وإتقان ما أن تـتـخـصـص فــى جـراحـات
يقمن به من أعمال .فكما كانت الحوض والسلس البولي ،إيما ًنا
نموذ ًجا ُيحتذى به فى مسيرتها منها بأن هذه المشكلات تتجاوز
المهنية ،حرصت على أن تكون
الألم الجسدى لتؤثر على جودة
كذلك فى دورها كأم. حياة النساء نفس ًيا واجتماع ًيا.
لـم تـكـن تسعى فـقـط لإتـقـان
بفضل هذا الـتـوازن ،لم تكن
فقط نموذ ًجا للمرأة الناجحة العمليات الجراحية ،بل كانت
فى مجالها ،بل أسهمت أي ًضا
فى إعداد جيل جديد من النساء ترى فى كل مريضة قصة إنسانية
تستحق أن ُتروى بحب ورعاية.
المـصـريـات الـطـمـوحـات ،ليكن لم يقتصر دورها على غرف
نماذج مشرفة فى الجمهورية الجديدة ،يواصلن المسيرة بروح العطاء العمليات ،بل امتد إلى الإدارة والتخطيط ،حيث تولت مسؤوليات
والتميز ،تما ًما كما فعلت والدتهن. قيادية فى مستشفى المطرية التعليمي ،كمديرة وحدة الصحة الإنجابية،
الرحلة لا تزال مستمرة
اليوم ،وهى تنظر إلى رحلتها ،أدركت د .وفاء بنيامين أن كل تح ٍد وعملت على تطوير الخدمات الصحية ،ورفع كفاءة الأطباء ،وتحسين ثــقافة قــــانونية
الفردى النجاح أن دائ ًما كانت بيئة العمل فى المستشفى ،لأن رؤيتها
لا يكتمل إلا بنجاح المنظومة ككل.
واجهته لم يكن إلا خطوة نحو نجاح أكبر ،وأن كل صعوبة مرت بها لم
تكن إلا در ًسا جعلها أقوى .ورغم الإنجازات التى حققتها ،فإنها تعلم التعليم الطبي :بناء جيل جديد من الأطباء
رسالة، منها لمممتت ًدكاتِ ،فوأبنمرماسرالستةهاالملهمنتة،كتبملل بجععلد.ت أن الطريق لا يزال مع مرور السنوات ،أصبحت عض ًوا فى اللجنة الممثلة للكلية الملكية
إنها قصة طبيبة البريطانية فى مصر ،حيث ساهمت فى تطوير برامج التدريب الطبي،
ورسالة لم تكتب نهايتها بعد ،بل تستمر ما دامت تحمل فى قلبها ونقل خبراتها إلى جيل جديد من الأطباء .آمنت أن الطبيب الجيد
ليس فقط من يعالج المرضى ،بل من ُيعد جيلاً قادرًا على مواصلة
الشغف ،وفى عقلها الرؤية ،وفى خطواتها الإصـرار على إحداث المسيرة الطبية بتفا ٍن وكفاءة.
تغيير حقيقي.
من الطب إلى قضايا المجتمع :رسالة تتجاوز المهنة 36
أبريل 2025
