Page 88 - ثقافة قانونية العدد السادس- للنشر الالكتروني
P. 88

‫الأخيرة‬

‫آن للشعب أن يطمئن أن له‬                                                                                       ‫بقلم‪:‬‬
     ‫دولة قوية وقادرة‬

                                                                                                   ‫أحمد أيوب‬

                                                                                  ‫رئيس تحرير جريدة الجمهورية‬

‫الجماعة أو التنظيم أو التوجه السياسى‪ ،‬هذه الدولة الوطنية مستهدفة وخاصة‬            ‫عندما يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن التحديات التى تواجه مصر‬                        ‫ثــقافة قــــانونية‬
          ‫مؤسساتها الحامية‪ ،‬سقوط للدولة الوطنية يتم عندما يسقط جيشها‪.‬‬             ‫ويرصد ثلاثة تحديات يعتبرها الأهم خلال هذه الفترة فعلينا جميعا أن نتوقف‬
                                                                                  ‫أمامها وننشغل بها لأنها ليست مجرد تحديات عادية وإنما ترتبط باستقرار الدولة‬
‫التاريخ يقول إنه لم تستطع دولة البقاء بعد ان سقط أو انهار جيشها‪ ،‬ولذلك‬
‫تظل الجيوش الوطنية هى الملاذ والمدافع عن كيان الدولة وتماسكها‪ ،‬وتظل الشرطة‬                                      ‫نفسها ومستقبلها‪ ،‬وبالتالى مستقبل المصريين‪.‬‬
‫أيضا ركناً أساسياً فى الاستقرار وثبات الدولة‪ ،‬وهذا يفسر لنا ما يحدث من‬            ‫التحديات التى تحدث عنها الرئيس تتمثل فى التهجير القسرى نحو مصر‪،‬‬
‫استهداف واضح للمؤسستين طوال الفترة الماضية‪ ،‬فالهدف هو إسقاط الدولة‪ ،‬ولن‬           ‫ووجود خلايا إرهابية نائمة يمكن ان تحاول تنفيذ أى عمليات خلال الفترة المقبلة‪،‬‬
‫يحدث هذا إلا إذا سقط الجيش أو انفك عقده وضعف تماسكه ووحدته‪ ،‬وترهلت‬
‫الداخلية‪ ،‬وعندما نتابع حجم الشائعات والأكاذيب التى يتم نسجها وترويجها حول‬                                                             ‫ثم التحدى الداخلى‪.‬‬
‫المؤسستين تحديدا سندرك مدى خطورة المخطط‪ ،‬وما يتم رصده من شائعات حول‬               ‫التحديات الثلاثة تستحق بالفعل مناقشة جادة وعندما نناقش أولها وهو التهجير‬
‫الجيش فى الفترة الأخيرة بهدف الفتنة الداخلية أو بينه وبين الشعب يؤكد أن الأمر‬     ‫القسرى للفلسطينيين تجاه سيناء فلابد ان ندرك انه مخطط لم ينته ولم ولن‬
                                                                                  ‫يتراجع‪ ،‬فهو مرحلة تحاول إسرائيل ان تصل إليها بكل السبل تمهيدا لما بعدها‪ ،‬وفق‬
                                   ‫محسوب ومخطط من المتربصين بمصر‪.‬‬                 ‫مخططها‪ ،‬سيناء لم تسقط من حساباتهم‪ ،‬ولكنهم أمام قوة وصلابة مصر وموقفها‬
‫بالتأكيد لا خوف على جيش مصر وشرطتها فهما الآن فى أقوى حالتهما‪،‬‬                    ‫الحاسم يؤجلونها مضطرين‪ ،‬ولو شعروا لحظة واحدة بأن مصر ضعيفة ولن تستطيع‬
‫فعلى مدى عشر سنوات كان التوجه لدى القيادة السياسية ان الجيش لابد من‬               ‫التصدى لهذا المخطط فلن يترددوا فى تنفيذه فوراً‪ ،‬وما حدث فى لبنان وسوريا‬
‫تطوير قدراته ليمتلك أحدث الأسلحة والامكانات لأداء مهمته المقدسة‪ ،‬وبالفعل‬          ‫أكبر دليل على ذلك‪ ،‬لكن الجيش المصرى وقوته الرادعة كلمة السر فى تخوفهم‪،‬‬
‫تم التطوير بشكل غير مسبوق حتى أصبح الجيش رقما صعبا فى معادلة المنطقة‬              ‫وتحسبهم لأى خطوة‪ ،‬مع تطوير قدرات الجيش على مدى السنوات العشر الماضية‬
‫بالكامل‪ ،‬تسليحا وتدريبا قتاليا وجاهزية وقدرة ردع‪ ،‬كما امتلكت الشرطة أحدث‬          ‫أصبح قادرا على التصدى وحماية الأمن القومى والأرض المصرية‪ ،‬لكن الأهم فى‬
‫المقومات لدعمها فى مهمتها‪ ،‬وطوال السنوات الماضية كان المستهدف من المتربصين‬        ‫قوة هذا الجيش هو الشعب المصرى نفسه‪ ،‬حصن الدولة وسلاحها القادر على قهر‬
‫بالدولة المصرية والراغبين فى اسقاطها هو الزج بالجيش فى معارك استنزاف‪،‬‬             ‫أى تح ٍد‪ ..‬هذا الشعب ومساندته لقواته المسلحة وقيادته يجعل من يخططون لمصر‬
‫وحروب تدميرية إسرائيل‪ ،‬وعندما لم ينجحوا مارسوا محاولات الفتنة الداخلية‬            ‫يفكرون ألف مرة لأن الثمن سيكون غاليا‪ ،‬لذلك يفضلون ان تكون المواجهة مع مصر‬
‫وفشلت أيضا‪ ،‬الآن الأمور واضحة ونشر أكاذيب للتشويه والإساءة للجيش‪ ،‬وهنا‬            ‫بعيدة عن الاشتباك العسكرى المباشر لأنها خاسرة لا محالة‪ ،‬ويلجأون إلى صناعة‬
‫يأتى الرهان مجددا على الشعب الذى يحمى مؤسسات بلده‪ ،‬ويدافع عن جيشه‬                 ‫الفتن والأكاذيب ومحاولة استنزاف الدولة وتفكيكها داخليا بكسر العلاقة والثقة‬
                                                                                  ‫بين المواطن والدولة‪ ،‬ورغم يقظة المصريين وتنبههم لهذا الأسلوب يظل الخطر قائماً‬
                                          ‫وشرطته بوعيه وادراكه ووطنيته‪.‬‬           ‫والحذر منه مطلوباً‪ ،‬والتأكيد على دعم الدولة ضـرورة‪ ،‬لو تطلب الأمر الخروج‬
‫بالطبع كل ما سبق ليس هدفه بث رعب فى قلوب المواطنين‪ ،‬وليس خو ًفا من‬                ‫لإعلان ذلك فى لحظة بعينها فسيكون هذا جزءاً من المواجهة الشعبيةالأزمة المهمة‪،‬‬
‫الخطر‪ ،‬فالدولة المصرية تمتلك القوة الكبيرة والقدرة المميزة على مواجهة التحديات‬    ‫لأن الرسالة يجب ان تصل بكل السبل‪ ،‬وإذا كانت صفحات «السوشيال» تعبر بحق‬
‫وكل المخاطر المحتملة‪ ،‬الدولة جاهزة تماما لكل السيناريوهات وبفضل الله ثم الرؤية‬    ‫عن وعى المصريين وتماسكهم خلف دولتهم وتصديهم للمخططات التى تستهدف‬
‫المبكرة للقيادة السياسية لما يمكن ان يتعرض له الأمن القومى المصرى والعربى‪ ،‬كان‬    ‫الدولة‪ ،‬وهو ما أكد الرئيس أنه يطمئنه‪ ،‬لكننا نحتاج أيضاً ان يستمر هذا ويزيد‬
‫التحرك السريع لامتلاك عناصر القوة التى تحمى الدولة وتدافع عن مقدراتها‪ ،‬ولهذا‬
‫فنحن الآن نقف على أرض صلبة صنعناها بأيدينا‪ ،‬تحملنا بسببها الكثير ونحصد الآن‬                                                  ‫الوعى لأن الخطر قائم ويزداد‪.‬‬
‫الثمار بأننا دولة مستقرة فى إقليم مضطرب‪ ،‬دولة قادرة فى ظل هذا الاستهداف‬           ‫التحدى الثانى الذى ن َّبه إليه الرئيس السيسى هو «الخلايا النائمة» التى يمكن ان‬
‫غير المسبوق ان تحمى حدودها وتفرض خطوطها الحمراء على الجميع‪ ،‬دولة تدير‬             ‫تحاول تنفيذ بعض العمليات الإرهابية خلال الفترة المقبلة‪ ،‬فالوضع بالمنطقة والأزمة‬
‫أمورها بشكل علمى يعتمد على التخطيط الإستراتيجى والمعلوماتية‪ ،‬من يزر مركز‬          ‫السورية وقبلها الفلسطينية واللبنانية تجعل الأجواء مهيأة لظهور هذه الخلايا‪ ،‬فى‬
‫القيادة الإستراتيجية بالعاصمة الإدارية يستطع ان يطمئن أكثر لأنه سيعرف كيف‬
‫تدير الدولة الملفات والأزمات وتتعامل مع كل التحديات بأسلوب عصرى وعلمى‪،‬‬              ‫العديد من الدول وبالطبع فى مقدمة الدول التى يستهدفون التوجه إليها مصر‪.‬‬
‫وكل سيناريو محسوب‪ ،‬وإذا كان الرئيس الراحل السادات قال بعد نصر أكتوبر إن‬           ‫بالتأكيد الأمر يحتاج يقظة وحسماً فى المواجهة‪ ،‬وهو ما يقع على عاتق الجيش‬
‫الشعب المصرى الآن من حقه ان يطمئن ويأمن بعد خوف أنه أصبح له درع وسيف‪،‬‬             ‫والشرطة المصرية‪ ،‬وهما قادران على هذه المهمة‪ ،‬وحماية أمن مصر وحدودها بكفاءة‬
‫فنستطيع أن نقول الآن إن الشعب المصرى من حقه ان يطمئن ويأمن ان لديه دولة‬           ‫واحترافية‪ ،‬المؤسستان تمتلكان القوة والقدرة على التصدى للإرهاب أياً كان‪ ،‬وفى‬
‫تمتلك كل عناصر القوة والقدرة العصرية‪ ،‬وهذا كــان جــزءاً من رســائل الطمأنـــة‬    ‫الوقت نفسه كافة مؤسسات الدولة تعمل فى المواجهة بجهد كبير‪ ،‬الرئيس تحدث‬
‫التــى أكـدها الرئيــس عبدالفتاح السيسى خلال لقائه المهم مع عدد من رؤساء التحرير‬  ‫عن الدور المهم الذى يقوم به الأزهر والأوقاف فى مواجهة أصل البلاء فى الإرهاب‬
‫والإعلاميين‪ ،‬كانت رسائل كلها تؤكد وعى الدولة بحجم المخاطر وجاهزيتها للتصدى‬        ‫وهو دحض الخطاب المتطرف‪ ،‬والثقافة أيضاً لها دور والإعلام يساهم بشكل كبير‬
‫والمواجهة‪ ،‬وكذلك التأكيد على ثوابت الدولة التى لم ولن تتغير‪ ،‬الرسائل الرئاسية‬     ‫فى المواجهة‪ ،‬وفى الوقت نفسه هناك تنسيق وتعاون بين الدولة المصرية والدول‬
‫الحاسمة التى كانت موجهة للداخل‪ ،‬اطمئنوا دولتكم قوية وقادرة على حماية أمنكم‬
‫ومقدراتكم‪ ،‬ورسائل للخارج‪ ،‬إن مصر لن تسمح بالمساس بأمنها القومى أو الاقتراب‬                           ‫الصديقة للمواجهة وتجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله‪.‬‬
‫من حدودها واستقرارها‪ ،‬فمصر دولة سلام تبحث عن انهاء الصراعات والتعاون‬              ‫كل هذا يؤكد أن الدولة تتخذ خطوات استباقية وبرؤية شاملة ونتحرك بتنسيق‬
‫من أجل التنمية وليس الحروب‪ ،‬لكن فى الوقت نفسه تمتلك ما يجعلها تردع كل من‬          ‫وتكامل بين كافة الأجهزة للتصدى للخطر ولا تنتظر وقوعه‪ ،‬لكن أيضا الأمر يحتاج‬
                                                                                  ‫تجديد الوعى والتأكيد على الخطر خاصة فى ظل اعتماد التنظيمات الإرهابية‬
                          ‫يفكر فى التأثير على أمنها‪ ،‬أو مصالحها ومقدراتها‬         ‫على استهداف العقل وتشويهه ومحاولة الوقيعة بين الشعب ومؤسساته الوطنية وفى‬
‫هذه الرسائل عندما تكون من رئيس دولة بشخصية وثقافة ورؤية الرئيس‬
‫السيسى وفى هذا التوقيت تحديدا فهى بمثابة خطوط واضحة وتعبير عن واقع‬                                             ‫مقدمتها الجيش والشرطة مما يستدعى الحذر‪.‬‬
‫حقيقى لمصر‪ ،‬التى اختلفت تماما واستعادت قدراتها‪ ،‬ولكن كما قال الرئيس فأول‬          ‫تجربتنا السابقة أكدت نجاحنا الكبير فى القضاء على الإرهاب واستئصال‬
‫وأهم عناصر هذه القدرة صلابة الشعب وتماسكه‪ ،‬وإذا كان شعب الدولة هو من‬              ‫جذوره‪ ،‬وكان هذا بتضحيات غالية لرجال الجيش والشرطة وبفضل الدعم الشعبى‬
‫يحدد مصيرها‪ ،‬يبنيها أو يهدمها فإن الشعب المصرى شعب بناء‪ ،‬لا يفرط فى دولته‬         ‫الكبير للدولة التى تحملت الكثير فى سبيل المواجهة وتطهير الوطن من هذا الخطر‪،‬‬
‫ولا يتهاون فى الدفاع عنها حتى لو بحياته‪ ،‬والسنوات العشر الماضية أكدت أن معدن‬      ‫ولهذا ليس مقبولا ان نعيد الكرة مرة أخرى‪ ،‬ولن تسمح الدولة بوجود أصحاب الأفكار‬
‫المصريين يظهر فى أوقات الخطر والمحن ولذلك فلا خوف على مصر‪ ،‬نعم مطلوب‬              ‫المتطرفة والتكفيريين أومنحهم مساحة مجتمعية لينفثوا سمومهم ويتلاعبوا بالعقول‪،‬‬
‫أن نكون حذيرين ومتيقظين للمخطط‪ ،‬وعلى وعى بما يحدث من اكاذيب وفتن لكن‬              ‫ولن تسمح بالتهاون فى مواجهتهم‪ ،‬الجيش والشرطة يقومون بواجبهم ويتحملون مهمتهم‬
                                                                                  ‫بكل قوة‪ ،‬لكن الدعم الشعبى يظل أساساً وضرورة حفاظا على دولتهم واستقرارها‪.‬‬
                                          ‫لا نخاف لأن مصر قوية وقادرة‪.‬‬            ‫ارتباطا بهذا يأتى الحديث عن الدولة الوطنية التى تتعرض الآن بالفعل لخطر‬
                                                                                  ‫حقيقى‪ ،‬الدولة الوطنية تعنى الانتماء من الجميع للعلم مهما اختلفت دياناتهم‬
                                                                                  ‫وانتماءاتهم الطائفية والسياسية والعرقية‪ ،‬وان تعمل المؤسسات فى إطار الدولة وليس‬        ‫‪88‬‬

                                                                                                                                                            ‫أبريل ‪2025‬‬
   83   84   85   86   87   88   89   90