Page 85 - ثقافة قانونية العدد السادس- للنشر الالكتروني
P. 85

‫الحماية القضائية لحقوق الإنسان‬

‫ثــقافة قــــانونية‬                                                                                                                                ‫أحمد إيهاب عبد الغنى‬

                                                                                                                                              ‫بقلم‪:‬‬      ‫باحث ماجستير في القانون‬

                                                                                                                                                   ‫ُتعد السلطة القضائية حجر الأساس فى تحقيق العدالة وسيادة القانون‪ ،‬فهى الجهة التى تضمن حسن تطبيق القوانين بحيادية واستقلال‪،‬‬
                                                                                                                                                   ‫مما يجعلها الضامن الأساسى لحماية حقوق الإنسان‪ .‬فمن خلال دورها فى الفصل فى النزاعات‪ ،‬والرقابة على دستورية القوانين‪ ،‬وضمان‬
                                                                                                                                                   ‫المحاكمات العادلة‪ ،‬تسهم السلطة القضائية فى تعزيز مبادئ المساواة والكرامة الإنسانية‪ .‬وفى هذا الإطار‪ ،‬و ُيشكل قانون الإجراءات الجنائية‬
                                                                                                                                                   ‫المصرى أحد الركائز الأساسية التى تنظم الضمانات مبدأ الشرعية الإجرائية و القانونية لحماية الحقوق و الحريات أثناء مراحل التحقيق‬

                                                                                                                                                                                            ‫والمحاكمة‪ ،‬حيث يضع القواعد التى تكفل تحقيق العدالة الجنائية وف ًقا لمبادئ المحاكمة العادلة‪.‬‬
                                                                                                                                                   ‫لكن ما هو قانون الاجرءات الجنائية ‪ :‬تولى الفقة و القضاء تعريف قانون الإجراءات الجنائية بأنة ذلك الفرع من القانون الذى تنظم الدولة‬

                                                                                                                                                        ‫بموجبه كيفية تطبيق قانون العقوبات على الجريمة التى ارتكبت ‪ ،‬بهدف تحديد المسؤول عنها و انزال العقوبة أو التدبير الإحترازى (((‬
                                                                                                                                                                                                                                               ‫أولا ‪ :‬الإجراءات الجنائية و الدستور‬

                                                                                                                                                   ‫من المقرر ان التوصل الى تحقيق الغرض من قانون الإجراءات الجنائية مقيد بشرطين ‪ :‬الأول‪ :‬إفتراض براءة المتهم حتى تثبت إدانتة و الثانى ‪:‬‬
                                                                                                                                                   ‫إحترام حقوق المتهم كإنسان ‪ ،‬فهذة الحقوق هى اثمن ما تحرص عليه البشرية ‪ .‬و تعتنى الدساتير عادة بحماية هذه الحقوق ‪ ،‬و فضلا عن اإتباط‬
                                                                                                                                                   ‫مصر بالإعلان العالمى لحقوق الانسان ‪ ،1948‬فإن دساتيرها المتتعاقبة تنص على الحقوق الأساسية للمتهم و التى تمثل الحد الأدنى للحماية‬
                                                                                                                                                   ‫الجنائية‪ .‬فدستور ‪ 2014‬بينص على الحريات و الحقوق و الواجبات العامة فى المواد ‪ 51‬الى ‪ ، 93‬فتنص المادة ‪ 54‬على «الحرية الشخصية حق‬
                                                                                                                                                   ‫طبيعي‪ ،‬وهى مصونة لا ُتس‪ ،‬وفيما عدا حالة التلبس‪ ،‬لا يجوز القبض على أحد‪ ،‬أو تفتيشه‪ ،‬أو حبسه‪ ،‬أو تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى‬
                                                                                                                                                   ‫مسبب يستلزمه التحقيق‪ .‬ويجب أن ُيبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك‪ ،‬ويحاط بحقوقه كتابة‪ ،‬ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فوراً‪،‬‬
                                                                                                                                                   ‫وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريتة‪ .‬ولا يبدأ التحقيق معه إلا فى حضور محاميه‪ ،‬فإن لم يكن له‬
                                                                                                                                                   ‫محام‪ ،‬ندب له محام‪ ،‬مع توفير المساعدة اللازمة لذوى الإعاقة‪ ،‬وفقاً للإجراءات المقررة فى القانون ولكل من تقيد حريته‪ ،‬ولغيره‪ ،‬حق التظلم‬
                                                                                                                                                   ‫أمام القضاء من ذلك الإجراء‪ ،‬والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء‪ ،‬وإلا وجب الإفراج عنه فوراً وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي»‬
                                                                                                                                                   ‫و تنص المادة ‪ 55‬من الدستور على « كل من يقبض عليه‪ ،‬أو يحبس‪ ،‬أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته‪ ،‬ولا يجوز تعذيبه‪،‬‬
                                                                                                                                                   ‫ولا ترهيبه‪ ،‬ولا إكراهه‪ ،‬ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً‪ ،‬ولا يكون حجزه‪ ،‬أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً‪ ،‬وتلتزم الدولة‬
                                                                                                                                                   ‫بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوى الإعاقة ومخالفة شيء من ذلك ‪ ،‬جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون وللمتهم حق الصمت‪ .‬وكل قول‬
                                                                                                                                                   ‫يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم‪ ،‬أو التهديد بشيء منه‪ ،‬يهدر ولا يعول عليه» و تنص المادة ‪ 58‬من الدستور على « للمنازل‬
                                                                                                                                                   ‫حرمة‪ ،‬وفيما عدا حالات الخطر‪ ،‬أو الاستغاثة لا يجوز دخولها‪ ،‬ولا تفتيشها‪ ،‬ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب‪ ،‬يحدد‬
                                                                                                                                                   ‫المكان‪ ،‬والتوقيت‪ ،‬والغرض منه‪ ،‬وذلك كله فى الأحوال المبينة فى القانون‪ ،‬وبالكيفية التى ينص عليها‪ ،‬ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها‬
                                                                                                                                                   ‫أو تفتيشها‪ ،‬وإطلاعهم على الأمر الصادر فى هذا الشأن « و نتص المادة ‪ 99‬من الدستور على « كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة‬
                                                                                                                                                   ‫الحياة الخاصة للمواطنين‪ ،‬وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون‪ ،‬جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية‬
                                                                                                                                                   ‫الناشئة عنها بالتقادم‪ ،‬وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر‪.‬وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء‪ ،‬وللمجلس القومى‬
                                                                                                                                                   ‫لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أى انتهاك لهذه الحقوق‪ ،‬وله أن يتدخل فى الدعوى المدنية منضماً إلى المضرور بناء على طلبه‪ ،‬وذلك‬

                                                                                                                                                                                                                                                    ‫كله على الوجه المبين بالقانون « ‪.‬‬
                                                                                                                                                   ‫تحت الباب الرابع ‪ -‬سيادة القانون ‪ -‬تنص المادة ‪ 96‬على « لمتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة‪ ،‬تكفل له فيها ضمانات‬
                                                                                                                                                   ‫الدفاع عن نفسه‪ .‬وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات وتوفر الدولة الحماية للمجنى عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند‬
                                                                                                                                                   ‫الاقتضاء‪ ،‬وفقاً للقانون « و تنص الفقرة الأولى من المادة ‪ 98‬على « حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول» و بذلك يكون الدستور المصرى قد‬

                                                                                                                                                                                      ‫كفل الحقوق و الحريات العامة لجميع فئات المجتمع إعملا لمبدأ عمومية و تجريد القواعد القانونية ‪.‬‬
                                                                                                                                                                                            ‫ثانيا ‪ :‬دور المحكمة الدستورية العليا فى الرقابة على دستورية مواد قانون الإجراءات الجنائية‬

                                                                                                                                                   ‫وفقا لنص المادة ‪ 25‬من القانون رقم ‪ 48‬لسنة ‪ 1979‬الخاص بإنشاء المحكمة الدستورية العليا « تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها‬
                                                                                                                                                                                                                           ‫بما يأتي‪ :‬الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح «‬

                                                                                                                                                         ‫وفقا للقواعد و المبادئ الدستورية فإن للرقابة نوعان هما الرقابة السابقه على صدور القانون و الرقابة اللاحقة على صدور القانون‬
                                                                                                                                                   ‫و فى تطببيقا لذلك المبدأ فقد نصت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها على انه « ومن حيث إن التشريع يتدرج درجات ثلاثا هى الدستور ثم‬
                                                                                                                                                   ‫التشريع العادى ثم التشريع الفرعى أو اللائحة‪ ،‬وهذا التدرج فى القوة ينبغى أن يسلم منطقا إلى خضوع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى‪ ،‬ولا خلاف‬
                                                                                                                                                   ‫على حق المحاكم فى الرقابة الشكلية للتأكد من توافر الشكل الصحيح للتشريع الأدنى كما يحدده التشريع الأعلى أى للتأكد من تمام سنه بواسطة‬
                                                                                                                                                   ‫السلطة المختصة وتمام إصداره ونشره وفوات الميعاد الذى يبدأ منه نفاذه‪ ،‬فإن لم يتوافر هذا الشكل تعين على المحاكم الامتناع عن تطبيقه‪ .‬أما‬
                                                                                                                                                   ‫من حيث رقابة صحة التشريع الأدنى من حيث الموضوع‪ ،‬فقد جاء اللبس حول سلطة المحاكم فى الامتناع عن تطبيق تشريع أدنى مخالف لتشريع‬

‫‪85‬‬                                                                                                                                                 ‫راجع أ‪.‬د جميل عبد الباقى الصغير ‪-‬شرح قانون الإجراءات الجنائية الجزء الأول – ‪2023‬‬  ‫(((	‬
   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90