Page 34 - eleven
P. 34

‫مؤ ّشر القّوِة‪:‬‬

                 ‫ف ّكر في‪:‬‬          ‫من أخطِر التحديا ِت على الأمِم التحديا ُت السياسّيةُ التي من شأنِها‬
‫من سما ِت الإنسا ِن‬                 ‫أ ْن تُضعـ َف أّيـة أ ّمـ ٍة وتف ِّككهـا إلـى مكّونـا ٍت متصارعـ ٍة‪ ،‬ولا يمكـ ُن فهـم‬
                                    ‫مسـتقب ِل الأمـِم والتفكيـر بمشـاري ِع الإصـا ِح والتغييـِر لواقِعهـا إلا بالإحاطـ ِة‬
‫المتح ّضِر معرفتُه بالتاري ِخ‪،‬‬      ‫بقي ِمها وتاري ِخها وتحديِد مدى قدرتِها على ترجم ِة المباد ِئ والقيِم إلى ب ارم َج‬
‫سواء كا َن تاري َخ عائلتِه‬          ‫وأفعـا ٍل‪ ،‬تنفّـذ علـى أر ِض الواقـ ِع‪ ،‬فكيـف انعك َسـ ِت التحديـا ُت السياسـّيةُ علـى‬
‫أو أ ّمتِه أو حضارتِه‪ ،‬أو‬           ‫الدولـ ِة العربّيـ ِة فـي العصـوِر الوسـطى؟ وكيـف نفـّذت مشـاريع الإصـاح‬
‫تاري َخ أ ِّي مجموع ٍة ساهم ْت‬
‫بارتقا ِء الإنسانّي ِة‪ ،‬فمعرفةُ‬                                                               ‫والتغيير؟‬
‫التاري ِخ تجعلُنا أكثَر تح ُّض اًر‬
‫وأعم َق فهماً‪ ،‬من أج ِل إعادِة‬      ‫يشم ُل النظاُم السياس ّي الدستوَر والإدارةَ العا ّمةَ والوظائ َف الاقتصادّية‬
‫النظِر والتجديِد لاستيعا ِب‬         ‫والاجتماعّية للحكوم ِة والأح از ِب ودوَر الفرِد فيها‪ ،‬إو�ذا كا َن النظاُم الإدار ّي‬
                                    ‫يـد ّل علـى مـدى تنظيـِم الدولـ ِة وتطـّوِر خدماتِهـا فـي المجتمـ ِع‪ ،‬فـإ َّن واق َعهـا‬
       ‫الحواد ِث التاريخّي ِة‪.‬‬      ‫السياسـ َّي يعـُّد مؤ ّشـ اًر علـى قّوتِهـا واسـتم اررّيتِها‪ ،‬وبقـدر مـا تواجـهُ التحديـا ُت‬
‫كي َف سيكو ُن شعوري وأنا‬
                                      ‫السياسـّيةَ بمنطـ ٍق حكيـٍم وأسـلو ٍب مـرٍن فـإ َّن الأ َّمـةَ تظـ ُّل متماسـكةً داخلّيـاً‪.‬‬
   ‫أدر ُس تاريخ ّي الوطن ّي؟‬                   ‫فكيف تجَلّى ذلك خلا َل عصوِر الحضارِة العربّي ِة الإسلامّي ِة؟‬

                    ‫ف ّكر في‪:‬‬                                             ‫أ ُس ٌس ثابتة‪:‬‬

  ‫‪ -1‬ما مقومات الحضارة‬              ‫انطلق ِت الدولةُ العربّيةُ في بداي ِة العصوِر الوسطى‪ ،‬والتحمت‬
                                    ‫مع الشعو ِب التي حكمتْها في دول ٍة واحدٍة‪ ،‬لك َّن امتداَدها على مساح ٍة‬
 ‫العربّية العالمّية التي ظهرت‬       ‫واسع ٍة‪ ،‬واحتوا َءها على مجموع ٍة كبيرٍة من الأقاليِم والشعو ِب المختلف ِة‬
   ‫في العصور الوسطى؟‬                ‫جعلها في م ارحل محددة غير قادرة على التح ّكم من مركٍز وحيٍد‬
                                    ‫للسلط ِة‪ ،‬فقد حافَ َظ حكاُم العصِر الأمو ِّي على وحدِة الأ ارضي التي‬
‫‪ -2‬ما الهُوية المشتركةُ التي‬        ‫خضع ْت لهم لمَّدٍة لا تزيُد عن قرٍن‪ ،‬لتبدأ بعَدها الأقاليُم تتف َّك ُك إلى‬
  ‫أدركتْها الدو ُل العربّيةُ في‬     ‫دويلا ٍت منفصل ٍة ومتنازع ٍة‪ ،‬لكَّنها كان ْت مدركةً لهُوَّي ٍة مشترك ٍة‪ ،‬في‬
     ‫العصوِر الوسطى؟‬                ‫هذا الإطاِر نشأ ْت من دمشق حضارةٌ عالمّيةٌ جديدةٌ‪ ،‬من مقوِّماتِها‬
                                    ‫الأساسّي ِة أد ٌب قديٌم ود ارسا ٌت سريانّيةٌ متنِّوعةٌ وفكٌر وتقاليٌد للشعو ِب‬
   ‫‪ -3‬كي َف تساعُد الهُوّية‬         ‫التي ض َّمتها‪ ،‬وقانون رومان ٌّي ومؤ ّسسات بيزنطّيةٌ وف ّن فارس ٌّي‪ ،‬فكانت‬
‫المشتركة على إ ازل ِة الخلافات؟‬     ‫دمشق عاصمة لدولة متميزة بهذه الروح الجديدة التي تمثّل قمة التنّوع‬
 ‫‪ -4‬ما أثُر الانتما ِء القوم ِّي؟‬   ‫الثقاف ّي في جٍّو من التسامح الدين ّي والعيش المشترك والتنّوع الثقاف ّي‪.‬‬

                                    ‫‪32‬‬
   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39