Page 173 - merit mag 36- dec 2021
P. 173
171 الملف الثقـافي
وهذا مسلك مطروق في كتابة يجمع المدعوين ،ولكننا ننتقل يمد ي ًدا لفتاة ستعبر بعد قليل
الشعر. من هذا الأفق إلى افق غير وتأبى
والبون واسع بين الغموض متوقع .فلا مدعوون ولا مكان وتترك فوق الطريق ابتسامة
الدلالي والوضوح البالغ حد يضمهم ،مع أنه مشار إليه ،ولا وعطرا عتي ًقا».
الخبر ،كما هو واضح كل أحد في المكان إلا اليد والشتاء وأما الثالثة «لوحات» فتقع في
الوضوح في «سؤال»: والحوار .فالمدعو هو بؤرة الصفحات من 57 -49وهي
مجموعة من لوحات شعرية
«لماذا تترك البنت الجميلة الحدث وبؤرة الحوار والداعي بلغت اثنتي عشرة لوحة ،وتبدأ
خصر صاحبها متى فتحت مع حضوره ظل.
«دخلنا اللوحة الأولى التي مطلعها:
إشارات المرور؟». يدانا شتاء «لا الفرح يخرج من براءته
فمع ألفة العلاقة الدلالية بين وبهو المضيفة بئر ليثمر شارعين من العسل
مفردات هذه الومضة وكأنها يتسابقان على العروق لينتشي
وكل الحوار يدانا».
خبر ،فإن صيغة السؤال فلغة الكلام صمت ،والإشارات قلبه
أعطت لها أبعا ًدا دلالية تمثلت الجسدية لغة دالة بغير صوت. طفل تعود أن يرى اللون/
في سبب انسحاب يد البنت فاليد الشتاء هي اليد الحوار. المسافة
من خصر صاحبها بعد أن وفي الشتاء ينصب العرق من أن يرى الحزن /الغناء
فتحت إشارة المرور ،وحولتها المتحاورين ،ولا تمتد الحواس
لتجفيفه ،ولكن الروح جربت وأن يرى ربه».
إلى جملة إنشائية مثيرة ونؤكد أن هذا التفاوت في الكم
للغرابة والدهشة ،وركزت القماش.
على الصورة المرئية المتمثلة في «تجرب روحي القماش تفاوت واسع ،فحده الأدنى
التفاف اليد حول الخصر في سطران شعر َّيان ،وحده
شارع من الشوارع المزدحمة ليبتل وجهي
بالمارة والعيون ،التي تنفر من وأغدو أمام المضيفة كه ًل الأقصى عدة صفحات .وإن
هذا المنظر أو التي تستلطفه. ينفض بعد الغناء الخيام» كان لهذا التفاوت الواسع
وطرفا الدلالة بعيدان (يد-
والتركيز على الصورة شتاء) ،بينهما تبادل «الشتاء من تفسير ،فإن هذا التفسير
البصرية المادية هذه يوقف والحوار» ،فبد ًل من قوله يكمن فيما أفضنا فيه ،وهو
الأبعاد الخيالية التي رأيناها الشتاء حوارنا قال (كل الحوار الإحساس المؤلم الذي يسكن
في الومضة السابقة «دعوة»، يدانا) في إشارة إلى أن الحوار داود بالوجود المتشيئ المتناثر
ويشير إلى أن الشعر ليس شتاء وأنه تجسد في الأيدي. الهارب من وعيه المستقر في
مجا ًزا أو صو ًرا فقط ،ولكنه إلى والشتاء ليس مقصو ًدا منه ظمأ الحواس وظمأ القلب.
جوار ذلك تراكيب وأساليب، المعنى الظاهر وهو البرد أو والمتنقل من حال إلى حال.
الغيوم أو اضطراب الطقس، وهذا التفسير يؤيده التفاوت
وأن العلاقة الجدلية بين وإن كان كل ذلك وار ًدا ،ولكن
الشاعر والوجود لا يمكن أن الدلالة الخفية له هي تصبب في الغموض والوضوح
تستقر على مفهوم واحد للكتابة العرق من الروح وعلى الوجه. الدلالي .ففي «دعوة» -وهي
الشعرية ولا للشكل التعبيري، فكيف يتصبب العرق في طقس كتابة شعرية قصيرة -تخرج
وأن مسعى الشاعر الحقيقي الشتاء إلا إذا كان هناك عدول
هو بلوغ معنى الشعر فيما عن الظاهر أفضى بالمدعو إلى الدلات عن إطار العلاقات
يرى ويكتب ،مثله في ذلك مثل أن يبدو كه ًل أمام مضيفته. الحسية المألوفة أو المتخيلة بين
كل المبدعين في سائر الفنون
الكائنات .تبدأ بالوصف الذي
لا يستغرق غير كلمة واحدة
«دخلنا» التي تفتح أفق التلقي
على المألوف ،وهو المكان الذي