Page 169 - merit mag 36- dec 2021
P. 169
167 الملف الثقـافي
شاعر دون أخر ،بل رهين كل بكل الوسائل الممكنة في اللغة
سعي واكتشاف ،كما هو رهين والألوان والأنغام والحركة
كل شكل لغوي متاح .ومن هذا
الفهم نجد الشعر عند الشاعر، وتشكيل الفراغ .لذلك لا أعتقد
وعند السالك ضر ًبا من ضروب أب ًدا أن هناك معاني قبلية ثابتة
المعرفة الوجدانية ،وعند العالم وجاهزة ،ولا وسائل مطروقة
وعند العامة من الناس .وأس لصياغة الجمال وتشكيله.
التفاوت بين هؤلاء هو شكل فالمعاني رهن السعي ،والسعي
باب الاكتشاف .والمعاني تولد
التعبير عن الشعر وكميته.
ومما سبق ،يبدو للقاريء بأشكالها .والشعر لون من
ما أردنا الوصول إليه ،وهو ألوان الجمال الكلي في الوجود،
رؤيتنا لمعنى الوجود ورؤيتنا
لمعنى الشعر .وقد بدأنا هذا يتاح لنا بعد سعي ووهج
المسعى بأن ثمة علاقة بين واكتشاف.
الشعر والوجود .وسلكنا سبي ًل
لتوضيح ما نعنيه بالوجود وما والشعر غير القصيدة أو أي
نعنيه بالشعر ،ولعلنا عبر هذا شكل من أشكال كتابة الشعر.
السبيل أن نكون قد كشفنا عن فالشعر معنًى كلي قائم بذاته
الصلة بين الشعر والوجود.
ومستقل عن وجودنا ،كامن
فحين أفضنا في شرح في كل الكائنات مثل كمونه في
رؤيتنا لمعنى الوجود ،ركزنا
الواقع الاجتماعي .والشعر
على أن الوجود له جانبان بهذا الفهم يمكن أن نجده في
أصيلان هما :وجود الكائنات كل الفنون مثل فن التأليف
المستقلة عن ذواتنا ،والوجود الموسيقي ،وفي فنون الحركة،
الاجتماعي ،ومدار الصلة بينهما والتشكيل ،والألوان والأنغام،
هو الإنسان عبر تاريخه الطويل كما نجده في الفنون اللغوية.
على الأرض .وقد أثمرت هذه وحين يكتشف
الصلة ألوا ًنا من المعرفة ،لعل
أهمها المعرفة العلمية والمعرفة المبدع المعنى
الحدسية .وكلاهما يسعى وراء
اكتشاف المجهول في الطبيعة أو الشعري ،يصوغهوهشاشة الوجود
الإنسان ،أو في الواقع الطبيعي فنًّا من الفنون
والواقع الاجتماعي .فغاياتهما فيحوله إلى شكل
من أشكال التعبير.
واحدة وإن اختلفت السبل
والمناهج .فالجمال لا يفارق ولذلك يصعب
العلم ولا يفارق الفن ،وهو على الباحث أو الكاتب أن يجد
موضوع كل منهما .ومن ثم
فإن العلم والفن لا يتقابلان. تعري ًفا محد ًدا للشعر ولا
وإذا كان الشعر معنًى كليًّا تعري ًفا محد ًدا للجمال ،لأنه إذ
يحاول ذلك يغلق أبواب السعي
نحو اكتشاف الجمال أو الشعر
ويحصره في إطار ضيق مهما
اتسع .وما دام الشعر هكذا،
فهو ليس حك ًرا على زمن دون
زمن ولا قوم دون قوم ،ولا