Page 192 - merit mag 36- dec 2021
P. 192
العـدد 36 190
ديسمبر ٢٠٢1 والحدس القلبي الذي يبحث
الإنسان من خلاله عن
عينه ،فتأتى قصائده محملة بالكتابة العابرة إلى جوانيات
بالحيرة والشك والطمأنينة الوجود الشعري ،لأنه يفر الحقيقة في جواهر الأشياء،
من الألفاظ المزركشة ذات تلك الحقيقة التي يبحث
والسكون ،فتبكى اللغة المعاني الرخيصة إلى بناء عنها داود في نصوصه
كثي ًرا داخل النص ،ويبكى تمثل الغياب النفسي عن
أبطالها ،هو عالم كبير من قصيدة زاهدة ترتكز على لغة
الشعر والحياة ،لا ينسف متقشفة ،وهى لغة العارفين الواقع للدخول في اختراعات
بقدر ما يبني ،ولا يقف بقدر إنسانية بسيطة شفيفة،
ما يمشى ،هو حالة مشى بالأحوال والعباد .مرتك ًزا
عظيمة ،لا تقف ولا تستقر. على اصطياد المعاني الشعرية تكسر انتهازية اللغة ،وتحطم
أورامها المنتفخة وزخرفتها
تسكنه اللغة الذاتية التي الحزينة التى تكون صورة التي تمنع حركة الوصول
تعتمد على سرد غنائي حزين صادقة للحياة دون زيف إلى الداخل .تجلى ذلك في
أو تضليل للجوهر الحقيقي ديوان إبراهيم داود (كن
وكأنه يخاطب نفسه ،ففى للشعر .يقول الشاعر إبراهيم شجاعا هذه المرة /ميريت
القصيدة السابقة يحاول )2021حيث يأتي العنوان
الشاعر استنطاق الجواني داود متحد ًثا عن الذات في شكله التحريضي المباشر
والعرفاني من خلال ضمير الاستعارية التي تحاول إلى مخاطبة الذات ،لأنها
المخاطب (أن َت) ،ثم تأتى القفز على متغيرات الحياة، هي صاحبة الفعل الكوني
الجملة العادية لم تتغير، لكنها لا تستطيع ،فقط يتقدم في الشجاعة ،كما يفتح
«فقط تتقدم في العمر ،وأنت العمر سري ًعا في غفلة دون أن العنوان جراحات لهزائم
تتفادى الهزائم» .ينسف سابقة ممتدة ،أخفقت الذات
داود فعل التغيير المفتعل في تدري ،فيقول: في الوصول إلى تحقيق
القصيدة ،ليرسخ فعل التقدم «أن َت لم تتغير طموحاتها على المستوى
في الحياة ،فالحياة تتقدم فقط ..تتقدم في العمر
بالإنسان دون أن تتغير وأنت تتفادى الهزائم الإنساني ،بل يمنحنا العنوان
ملامحه الجوانية ،دون أخذت الطريق من أوله صورة متخيلة لاستلاب
أن تتغير مشاعره الطيبة واسترحت كثي ًرا في التكايا
التي تواجه قسوة الحياة الحنين من الماضي للانتصار
بابتسامة بسيطة مشحونة والحانات على الواقع ،فالشجاعة
بالبراءة والحضور .يهرب أيام التكايا والحانات
الشاعر من الهزائم كما يفر أيام الظلام الغزيرة وحدها ستمنحك الإحساس
من الانتصارات الطارئة. أيام كان الغناء طري ًقا أمنًا بالطمأنينة والسكون والراحة
تنطق قصيدة إبراهيم داود أصدقاؤك لم يتغيروا والخلاص من هموم وأحزان
كما ينطق الشارع المسكون فقط ..تقدموا في العمر،
بالحنين إلى التكايا والحانات وركنوا إلى الحكايات الشجية ثقيلة على النفس ،وتكشف
والأصدقاء ،فيستمد من الحكايات التي يذكرونها الشجاعة عن قدرة الإنسان
هؤلاء الحنين إلى البدايات
بأسى للانتصار على نفسه ،بأن
البسيطة وتفاصيلها في الأيام العصيبة يكون شجا ًعا في مواجهة
المحفورة في الذاكرة .فيقول التي تحتاج فيها إلى
الحياة.
في قصيدة (شجاعة): أصدقائك ظل إبراهيم داود مهمو ًما
«توجد حواجز بداخلك الطريق لم يتغير!! بالكتابة الشعرية الحاضنة
يقيم الشاعر إبراهيم داود
في نصوصه حيوات كثيرة لأحلام الذات والآخر
وكأنه صاحبها ،يصنعها على وطموحات الفقراء ،فاهتم