Page 268 - merit mag 36- dec 2021
P. 268
العـدد 36 266
ديسمبر ٢٠٢1
عادت حياته ،لكن جز ًءا منه يفتقد أو نستقبل أحبا ًبا ،بوابات الفرح تفكيرك ،أنت أي ًضا كمتل ٍّق ضمن
مصطفى الذي وجده هنا وهناك، أو الدمع ،لكنها دائ ًما عتبة عبور باقي المتلقين الذين سيقرأ كل فرد
وتغير واختلاف .المتاهة بما تحمله
بشكل إشاري نلحظة في محطة منهم الرواية بمنظومته القيمية
الباص ومحطة المترو في حلمية من مناقشات لا تهدأ في رأس الخاصة ،ما سيعطيها قراءات
الزيتون وغيرهما من أماكن ،يتقافز كرم ،أو في ذاكرة حامد وصوته متعددة تختلف باختلاف ثقافته،
مصطفى في هذه الشوارع كطيف الصاخب وحضوره الذي يصنع فتتسع التأويلات وتتعدد الرؤى.
إشاري تجسد في أسماء أخرى، فار ًقا ،لا يتركك في مكانك هاد ًئا، وكحكاء يجيد صنعته يختار داود
كواحد من الناس الذين تقابلهم في الأليجورية التي تعتمد على المجاز
كل مكان في شوارع مصر بملامحه بل يقودك أنت أي ًضا لمتاهتك والرمز في الكتابة ،بالشكل الذي
التي لا تخلو من شهامة ،ولا تبعد الخاصة بك ،ويدفعك إلى التفكير لا يحيلك إلى معناه الحرفي ،بل
عن المغامرة -وجدعنة ابن البلد،- يحيلك إلى معنى آخر خلفه لا بد
كما نلمح تجسد توحة في شخصية فيها .ثم الجزء الأخير وهو للقارىء أن يفك شفرته ليتواصل
السكون بدلالاته المتعددة ،بد ًءا مع باقي الأحداث .فيختار زوربا
أخرى جديدة بنفس ملامحها من نوم الموج الذي دوخته الريح من كزانتزاكي الذي يدلنا عليه من
وكأنها مصر ،التي وإن أصابها والعواصف داخل الشخصيات العتبة الأولى للرواية وهي الغلاف.
مرض في وقت ما قد عادت ،وكما في متاهتها ،حتى وصول قواربها ليكون بطله في القالب المصري
عاد أي ًضا إيمان كرم بأن حامد أو سالمة إلى الشاطئ لتترجل ،ثم «حامد عطية مبروك» البطل متعدد
حسن الذي هو غالبًا مصطفى هو تشق طريقها إلى بيوتها وأسرها الأسماء ،فهو قد يكون «حامد أو
وشوارعها المعتادة ،كما عاد كرم حسن أو غالبا مصطفى» ،وحتما
جزء منه. إلى زوجته حنان وابنتهما بعدما سيوجد صديق زوربا الشاب
سامحته ليستكملا حياتهما م ًعا كما المثقف دودة الكتب الذي اختاره
الأحداث كانت ساب ًقا ،وهكذا تنغلق الدائرة عبد الوهاب داود هنا الدكتور كرم
لتسير حياة كرم في مساراتها أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس،
كان كرم قد انزلق في علاقة كما كانت .فنجد العصفور الذي راوي الأحداث وقناع الكاتب الذي
عاطفية مع طالبة ماجستير منقبة، تركه عند مغادرته يستقبله حين يرى ويتحدث ويناقش ويعترف
وفاحت رائحتها في القسم .فتدارك عودته ،وبهجة الشوارع بفرحة ويتألم من خلاله ،فهو الراوي
رئيس القسم الأمر ،وعرض عليه الفوز لفريقنا القومي لكرة القدم. العليم الذي يخبرنا بكل شيء،
ويسبر أغوار ذاته حينما يختص
أن يسافر بد ًل منه ،خو ًفا
من افتضاح الأمر في دوائر الأمر بمشاعره الشخصية.
أوسع خارج الجامعة ،وتصل
إلى الصحافة التي لن تهدد البناء الدرامي في الرواية
حياة كرم الوظيفة فحسب بل
كرسيه هو شخصيًّا ،وسمعة يقسم داود الرواية إلى ثلاثة أجزاء
الجامعة ،لذا قرر أن يرسل كل جزء يحمل عنوا ًنا منفر ًدا،
الدكتور كرم إلى الإمارات في
مهمة علمية بد ًل منه .والتي وهي البوابات والمتاهة والسكون،
وجدها كرم فرصة ليرأب البوابات متعددة الدلالات ،بوابات
صدع ما بينه وبين زوجته الدخول والخروج أي ًضا ،وبوابات
حنان ،التي عرفت هي الأخرى
أمر العلاقة .وفي المطار تبدأ تفتح على عوالم الشخصيات،
الأحداث -في غرفة التدخين وبوابات نتوقف عندها لنودع
عبدالوهاب داود