Page 272 - merit mag 36- dec 2021

‫العـدد ‪36‬‬ ‫‪270‬‬

‫ديسمبر ‪٢٠٢1‬‬

‫الحياة‪..‬‬

‫ثلاثية الألوان‬
‫ياسر توفيق‬

‫بسبب الرقابة التي طوقت الأعمال‬ ‫ليترك عمله ويلتحق بمدرسة‬ ‫حينما يسيطر عليك حلم‬
‫السينمائية في بولندا‪ ،‬والتي كانت‬ ‫المسرح‪ ،‬والتي سرعان ما يهجرها‬
‫يجعلك تبدو أمام الآخرين وكأنك‬
‫منصبة على الأفلام الروائية‬ ‫لأنها لا توفر له فرصة التمرين‬ ‫غير عابئ بمستقبلك‪ ،‬لا تستطيع‬
‫الطويلة‪ ،‬اتجه (كريستوف‬ ‫والتدريب على فنون المسرح‪،‬‬
‫كيشلوفسكي) إلى إخراج الأفلام‬ ‫أن تتراجع لأنك تخبئ داخلك‬
‫التسجيلية القصيرة‪ ،‬والتي اشتهر‬ ‫ليحاول الإمساك بحلمه في دراسة‬ ‫ثلاثية الوجود‪ ،‬الحب والأمل‬
‫بها فيما بعد كونها عبرت عن‬ ‫السينما‪.‬‬ ‫والإيمان حينها فقط استرق‬
‫الأشخاص العاديين‪ ،‬المنسيين‬ ‫السمع ودقق البصر‪ ،‬سترى‬
‫من الطبقات الكادحة‪ ،‬ليعبر عن‬ ‫حاول (كريستوف كيشلوفسكي)‬ ‫نجاحك وستستمع لتصفيق من‬
‫آلامهم ومشاكلهم ويصيروا‬ ‫الالتحاق بالمدرسة الأعظم لدراسة‬
‫أبطاله على شرائط أفلامه‬ ‫السينما في بولندا (مدرسة وودج‬ ‫اتهمك يو ًما بأنك فاشل‪.‬‬
‫القصيرة‪ ،‬حتى أنه صنف من‬ ‫الوطنية للسينما)‪ ،‬ولكنه فشل في‬ ‫لم تكن حياة (كريستوف‬
‫رواد (مدرسة القلق الأخلاقي)‪.‬‬ ‫الالتحاق مرتين لأنه لم يقم بتأدية‬ ‫كيشلوفسكي) ممهدة لتحقيق‬
‫هذا التصنيف الذي جعل السلطات‬ ‫حلمه‪ ،‬ذلك الطفل الذي لم يعرف‬
‫تنتبه لأفلامه وتفرض الرقابة على‬ ‫الخدمة العسكرية الإلزامية‪،‬‬ ‫له مدينة داخل بولندا –وطنه‪-‬‬
‫ليعكف على إنقاص وزنه‬ ‫حيث تنقل في مدنها مع والده‬
‫موضوعاته وشخوصه‪.‬‬ ‫المريض بالسل بحثًا عن العلاج‪،‬‬
‫تعتبر الفترة من عام ‪ 1975‬وحتى‬ ‫وإضعاف بنيته الجسدية ليتم‬ ‫والذي ترك (مدرسة الإطفاء) في‬
‫رفضه لأداء الخدمة العسكرية‪،‬‬ ‫سن السادسة عشرة ليعمل خيا ًطا‬
‫عام ‪ 1978‬هي فترة الانطلاق‬ ‫ويستطيع في المحاولة الثالثة أن‬ ‫بأحد مسارح (وارسو) بحثًا عن‬
‫الحقيقي لفكر (كريستوف‬ ‫يقف على ناصية حلمه ويصير‬ ‫حلمه أن يكون مخر ًجا سينمائيًّا‪،‬‬
‫مخر ًجا سينمائيًّا عام ‪ 1968‬وهو‬
‫في السابعة والعشرين من عمره‪.‬‬