Page 5 - Pp
P. 5
سائح
بيني وبين منير علاقة طيبة ،أراه من وقت لآخر ،كان معل ًما في
مدرسة ابتدائية ،كلما م َّر على «مقهى الجندول» ورآني جال ًسا
هناك ،حرص أن يسلِّم عليَّ ويسأل عن حالي وكيف تسير الأمور
معي ،ما اشتكى منير من عضو تداعى له جسده بالسهر والحمى،
الحياة سارت معه مثلما تسير مع الناس الذين لا يحشرون
أنفسهم في شؤون غيرهم.
في مقهى الجندول ،أثناء شربه للشاي يح ِّدثني عن جزيرة
كريت اليونانية وروعة ناسها وكرمهم لكل من ح َّل ضي ًفا
على جزيرتهم ،ويح ِّدثني عن جمال طبيعتها ،جبالها وبحرها،
جداولها ،ونقاء هوائها ،وبشكل خاص في فصل الربيع ،فأقول
له :أذهبت يو ًما إلى هنا؟
يجيبني :لا ،سأذهب ذات يوم.
في يوم آخر ،في مقهى الجندول وأثناء الشاي ،يحدثني
بحماس وبلغة من لم تف ْته شاردة أو واردة ،أو معلومة حتى لو
كانت عابرة وما تستحق توقف المرء عندها :أن متحف «برادو»
في مدريد احتوى على كنوز فنية لا تق َّدر بثمن وما ترى مثلها
في متحف آخر ،وأن مدينة غرناطة لا يوجد مثلها مدينة نابضة
بالتاريخ والحياة ،أما «قصر الحمراء» في الأندلس ،فلن ترى
شبي ًها له في القصور القديمة التي ما زالت مشيّدة.
5