Page 10 - Pp
P. 10
دنت الساعة وانش َّق القمر
بسبب كاميرا مستعملة اشتراها من «سوق هرج» ،ف َّكر مجيد
ج ّد ًّيا بتغيير مهنته ويفتح مح ًّل للتصوير .قبل هذا أتقن مجيد
إصلاح أجهزة الراديو ،وله محل صغير في السوق هناك ،كان
يحصل من عمله ذاك على دخل كا ٍف ،لكن ،لم تعد المهنة كما كانت،
الأمور تغيرت وتقلَّبت وما عادت الحال كما هي عليه في السابق.
اشترى مجيد الكاميرا فوقع في هوى التصوير الفوتوغرافي.
أخذ يص ِّور بها هذا وذاك ،هذا المبنى وذلك الجسر ،والتقط
بعدسته مواقف معينة ،وبدأ يؤمن أن الحياة فقاعة فع ًل ،عليه
يص ِّورها قبل أن تنفجر.
عندما رأى وليد الذي يتعامل بالحاجات القديمة في سوق هرج،
صديقه مجيد والكاميرا بيده ،قال« :دنت الساعة وانشق القمر».
كثي ًرا ما ير ِّدد وليد هذا القول ،لكن في كل مرة يختلف معناها
عن سابقتها ،فحسب الموقف الذي هو فيه يتح َّدد المعنى .وليد
لم يحب الشعر يو ًما ،لكن لسبب ما حفظ هذين البيتين لـ«امرئ
القيس» :دنت الساعة وانشق القمر /عن غزا ٍل صاد قلبي ونفر/
أحور قد حرت في أوصافه /ناعس الطرف بعينيه حور.
يقرأ وليد هذين البيتين من الشعر في جلساته الليلية أمام باب
الخان الذي استأجر فيه غرفة يقيم فيها.
في أول رمضان ،كانت الظهيرة حارة فالتجأ وليد إلى ظل في
زاوية بعيدة عن الأعين ليدخن سيجارة ،أخذ ينفث دخانها بتر ٍّو،
10