Page 14 - Pp
P. 14

‫عندما سمع جعفر كلام صديقه‪ ،‬أخذ بلعن اليوم الذي لم‬
‫يستطع أن يقف فيه تحت شرفة أو شباك حبيبته‪ ،‬يبث لها ما في‬

             ‫قلبه من لوعة وأسى وأحاسيس ومشاعر الغرام‪.‬‬
‫وقال‪ :‬كلهم عملوها في الأفلام وما وقف أمامهم أي مانع‪ ،‬إلا‬

       ‫أنا‪ ،‬كان عليَّ أن أحذو حذوهم وأعملها مع زينب الج َّزار‪.‬‬
‫قال عبد الجبار‪ :‬ومن هي زينب هذه؟ لم أسمعك نطقت باسمها‬

                            ‫يو ًما أمامي‪ ،‬ولا أتيت لها بسيرة‪.‬‬
‫بعد ساعة وقف جعفر ليغادر المكان على غير عادته‪ ،‬فاستغرب‬
‫عبد الجبار منه ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬إلى أين يا جعفر‪ ،‬الليل ما زال في أوله‪،‬‬
‫ونحن ما تعودنا أن نغادر سهرتنا مبكرين‪ ،‬ولا تعودنا أن ننام‬

                                              ‫نوم الدجاج؟‬
‫عبر جعفر الجسر القريب من مقهى «الجندول» إلى الجهة‬
‫الأخرى‪ ،‬سار وحي ًدا‪ ،‬وقد دارت في رأسه أفكار شتى‪ ،‬لم ي ِزحها‬
‫عنه إلا عندما وقف أخي ًرا أمام بيت زينب الجزار‪ ،‬و«الج َّزار»‬
‫ليس لقبًا لزينب‪ ،‬اسمها الحقيقي زينب إسماعيل‪ ،‬إنما هي مهنة‬

                                      ‫أبيها فالتحق باسمها‪.‬‬
‫ضرب جعفر شباكها العلوي بحصاة صغيرة ناعمة التقطها‬
‫من الأرض‪ ،‬وانتظر قلي ًل‪ ،‬فما جاءت بنتيجة‪ ،‬فالتقط حصاة‬

                                            ‫صغيرة أخرى‪.‬‬
‫فتحت زينب شبَّاكها فرآها كما لو كانت شرفة قريبة الشبه‬
‫بشرفة الممثلة ناتالي وود أو «إيمان» في فيلم «أيام وليالي» وهو‬
‫واقف تحتها لا ينقصه غير الجيتار‪ ،‬يعزف على أوتاره أغنية‬
‫نجاة الصغيرة التي بدأ يغنيها «د َّوارين في الشوارع‪ ،‬د َّوارين في‬

                                                                               ‫‪14‬‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19