Page 107 - merit 36- dec 2021
P. 107

‫نون النسوة ‪1 0 5‬‬                                             ‫السقوط في بئر الأنا‪..‬‬
                                                      ‫غواية التأرجح بين المعني واللامعنى‬
                                 ‫وفتح مصراعيه‬
                    ‫آنئ ٍذ ترددت أصابعي في البزوغ‬    ‫تتبدى بأشكال متعددة صورة المرأة الشاعرة العصية‬
          ‫اللقمة التي في حلقي ظلت معلقة بين غيبين‬       ‫على التنميط‪ ،‬كما هي أي ًضا تواقة للوصول لنشوة‬
             ‫استطلت لئلا يظن المارة أنني بلا جناح‬
                                                      ‫الحب‪ ،‬تلك المسافة التي لا نستطيع أن نحددها بدقة‬
                           ‫هاتفني دبيبك في إبطي‬          ‫كلما توغلنا داخل وعي الشاعرة الممتلئ بالصور‬
                   ‫الوردة التي تناثرت للتو في فمي‬
‫اسمك الذي منذ أربعين عا ًما تصيبني ذات القشعريرة‬     ‫المتداعية‪ ،‬وتلك الموجات المنداحة بكثافة بلغتها الحادة‬
                                                        ‫والشاقة والنقية تما ًما أي ًضا‪ ،‬الشاعرة التي تحاول‬
                                     ‫وأنا أسمعه‪.‬‬       ‫الهرب من وعيها الثاقب ربما بزيف الحب بصوره‬
  ‫وفي نص آخر‪ ،‬تتكثف تلك الرؤية‪ ،‬بنعومتها الطاغية‬
   ‫الموغلة في الحنين‪ ،‬باستثمارها الناجح في استهلاك‬   ‫النمطية الموروثة‪ ،‬بالذاكرة الرومانتيكية التي كسرتها‬
   ‫الذات‪ ،‬وانهيارها العاطفي‪ ،‬قدرتها على إبقاء النفس‬    ‫وطأة ما بعد الحداثة التي أدخلت كل مفردات الحب‬

      ‫ولو مجرو ًحا داخل سجن الرئة المصابة بالندم‪،‬‬    ‫والجسد والهوية والذات داخل أنماط التسلع‪ ،‬وبالتالي‬
    ‫الشعور بنمل التفاصيل الصغيرة يتآكل إخمصي‬          ‫الشاعرة تظل تبحث عبر ذاكرتها الشعرية عن معنى‬

                  ‫قدميها‪ ..‬لتسقط على ظلها المتهدم‪:‬‬      ‫الحب‪ ،‬معنى أن تظل حية بينما يتآكل جسدها‪ ،‬ما‬
                                ‫«كل دا كان ليه»‪:‬‬       ‫معنى هذه الحياة إذا لم تولد هي من رحمنا‪ ،‬وليس‬

       ‫كنوتي أرمل عدوت دوني وأنا أجدف خارجك‬                                                 ‫العكس‪.‬‬
               ‫طويت معه الطحالب وأطراف الشتاء‬          ‫في نصها الأثير «شرفة وبيت في كازابلانكا» تقول‪:‬‬
                  ‫وقلت للسمك اذكرني فيمن عندك‬
                                                                            ‫وأنا أنظر إل َّي في خط الأفق‬
 ‫لم أتأهب للترع ولا لسخام العواصم وترهل النجوع‬                                       ‫سقطت حنجرتي‬
            ‫إني ذاهبة إلى آجالي بلا صدى ولا شباك‬
                    ‫عبثًا أنتشل رجلي كلما انغرزت‬                       ‫لو فتح الحب بابه على مصراعيه‬
                       ‫وأجمع ما تفرق من مياسم‬                      ‫لما بقيت أفتح النوافذ كل ليلة وأترقب‬
                         ‫أقتلع النهر من خاصرتي‬
                                                                       ‫كنت أنظر إل َّي في تفاصيل المباني‬
      ‫تنفرط سرتي وتنفتح على هاوية لأحشاء وفزع‬                                       ‫في الغبار الخفيف‬
   ‫غير مختارة‪ ،‬أكشط الجوز والشعر والهستيريا من‬
                                                            ‫الذي يتسحب بصمت حتى لا يلتفت إليه أحد‬
                                          ‫رأسي‬                                ‫بدعوى استعادة الرونق‬
                         ‫الفك الماضي يسلخ جلدي‬
                       ‫والقمران يضمران بسذاجة‬                      ‫في هدوئه الزاعق ولسان حاله يقول‪:‬‬
            ‫ساعدي الأيمن يتشبث بـ»في يوم وليلة»‬                             ‫ألتصق كي أختبئ أو أبقى‬
         ‫بينما الأيسر ينسدل هار ًبا من مفصل كتفي‬
          ‫نحو مسمار يصرخ رأسه «كل دا كان ليه»‬                        ‫أقاوم الزحام ونداء الباعة الجائلين‬
                    ‫استهلاك فانتازي للفقد لا يكل‬                           ‫وقبلة متروكة على الرصيف‬
 ‫ذروة التخلي تنكمش كعاصفة تأكل الطواحين والدود‬                            ‫سأقول للغيمة المعلقة ورائي‬
                        ‫أطرق قدمي بقادوس بارد‬
   ‫مستسلمة أنزع عضلة القلب من تجويفي الصدري‬                      ‫عن هزائمي كما انتصاراتي اللامتناهية‬
                                                         ‫سأفوض الشرفات الصغيرة على امتداد الشارع‬
                                ‫وأمسح آثار الدم‬
                       ‫هات عينيك الآن أثبتهما هنا‬                                ‫بحمل حقائبي الثقيلة‬
                                                              ‫أفرغت جيوبي لأكون خفيفة وأنا أتعلق بك‬
                           ‫بؤبؤاهما يكفيان للتفيؤ‬
            ‫«بعيد عنك حياتي عذاب» تعويذة الونس‬                      ‫لن أنتظر المارة‪ ،‬ليس لأنني أخشاهم‬
                                                          ‫لكنني ابتلعت هواء البيت الدافئ ورائحة ذاكرته‬

                                                                                             ‫العتيقة‬
                                                                            ‫ربما التفت إل َّي الحب حينها‬
   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112