Page 105 - merit 36- dec 2021
P. 105

‫نون النسوة ‪1 0 3‬‬                                                    ‫كخولي خمسيني يلاحق شيبه بالسواد‬
                                                           ‫تشنق شجرة الصفصاف بيوت الدوري والعنادل‬
    ‫وكبرت قبيلك مثل وحش يشيد عروشه في أفنيته‬              ‫بينما نصعد كجعرانين على الجذع نتلكأ في بروزات‬
                                         ‫الخلفية‬
                                                                                                 ‫اللحاء‬
         ‫س َر ْت ُح َّمانا أكثر من اللازم في طريق الغابة‬                 ‫فتغض الطرف عنا ديدان وكهوف‬
              ‫فكانت عبئًا على اليخضور والأعشاش‬                           ‫يسيل نهرانا بأبواب الدير السبعة‬
               ‫لم تحتمل الغزلان العرق ولا الهذيان‬                    ‫نغتسل بالرحابة الملآنة على مصراعيها‬
                         ‫ولا عقيرة اللهب والفحيح‬
                         ‫ولا امتزاج النقطة بالنقطة‬                               ‫ننحت بأناة حقول الخفة‬
                                ‫ولا ارتعاش الدلتا‬                      ‫نراود الطفو والغرق والشك واليقين‬
                   ‫صار الفرار حت ًما على الفراشات‬                   ‫طفلان كنا لما فتحنا أفواهنا على العشب‬
                          ‫وردمت الثعالب الأوكار‬
                                                                                  ‫نقطف السماء بتلة بتلة‬
    ‫لليباس رائحة السفر وطعم السير بساق ونصف‬                                     ‫ندحرج الشساعة البردانة‬
                        ‫وصرير نصل في السكون‬

                    ‫هذه الستائر المهلهلة لا تليق به‬
                          ‫والسقف لم يعد سقو ًطا‬
                              ‫لا ناي يوقظ الوردة‬
                            ‫وما من مياه في النبع‪.‬‬

 ‫في هذا النص نرصد ارتفاع موجة الشبق حتى تتفجر‬
‫بعالم بدائي نقي‪ ،‬تعود الشاعرة في تأسيسها للذات إلى‬
‫رحم الغابة‪ ،‬بمعاييرها البدائية التي تحافظ على توازن‬

    ‫العناصر‪ ،‬الخلق المستمر مقابل الموت المؤقت‪ ،‬نري‬
   ‫توغل الشاعرة في استثمار غواية الشهوة لاصطياد‬
   ‫جماليات النجاة من القبح والألم والخسارة‪ ،‬الجري‬
 ‫في نقاء البساتين وعذوبة الأنهار‪ ،‬والاغتسال برحابة‬
  ‫المدي‪ ،‬ولكن بينما تستمر لغة النص في التوغل داخل‬
 ‫غريزتها‪ ،‬يبرز التأويل الضد الذي يرى الواقع خارج‬
    ‫النص‪ /‬اللغة في مقابل تأويلها المضاد‪ ،‬وكأن لحم‬

     ‫النص يأكل نفسه‪ ،‬تلك الذات التي لا تكتمل أب ًدا‪،‬‬
  ‫والرؤيا التي تعجز عن تحقيق نفسها‪ ،‬فبالتالي تتبدد‬
‫أوهام الاكتمال النصي الذي تتخذه قصيدة النثر كآلية‬
  ‫لشفاء الذات من زيفها المفهومي‪ ،‬عدم قدرتنا كذوات‬
   ‫منزوعة الروح على منح العالم فرصة لتفجير بنيته‬

             ‫المتآكلة نتيجة العفن والفساد والقسوة‪.‬‬

            ‫الوجود المتآكل‪..‬‬
    ‫البذرة الفاسدة داخل بنية النص‬

   ‫يحمل الديوان في بنيته نفيًا للمعنى‪ ،‬ليست رغبة في‬
‫إعطاء شكل من أشكال الحذف الاعتباطي للدلالة‪ ،‬ومد‬

   ‫النص على أفق التعددية الدلالية‪ ،‬بل تعتمد نصوص‬
   100   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110