Page 106 - Pp
P. 106

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪104‬‬

‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

    ‫الزيات‪ ،‬في محاولة لكشف حقيقة انتحارها‪ ،‬مع‬
 ‫تأريخ لحقبة تاريخية هامة‪ ،‬كالرحلة الاستكشافية‬
‫تتحرى الكاتبة ‪-‬شيئًا فشيئًا‪ -‬خيوط وأدلة تقودها‬
‫لللإجابة عن سؤالها المشروع‪ ،‬تتعمق مع الوقت في‬

  ‫طبقات المدينة لامتصاص البيئة التي عاشت فيها‬
    ‫عنايات‪ ،‬تجمع روايات وسرديات من أشخاص‬

  ‫مقربين لها ‪-‬بمن في ذلك صديقتها المقربة الممثلة‬
 ‫نادية لطفي‪ -‬تلتقي مع وثائق هامة أو أرشيف ما‬

                               ‫من هنا أو هناك‪.‬‬
‫هذا التشابك وتأثير الذاتية على السرد وهو الشعور‬

   ‫الكامن الذي عبرت عنه مرسال في جملة «عشت‬
     ‫خريف ‪ 2017‬مثل خيال مآتة‪ ،‬تهتز يداي وأنا‬

‫أمسك بكوب القهوة‪ ،‬يتغير مزاجي من تطرف لآخر‬
 ‫في سرعة البرق‪ ،‬عادت نوبات الهلع تداهمني دون‬

     ‫إنذار ولم تفلح المنومات في هزيمة الأرق‪ ،‬بدت‬
    ‫النهارات عمليات عبور بالغة الصعوبة لساعات‬
  ‫العمل والليالي ُحف ًرا أسقط فيها بلا أمل‪ ،‬والأسوأ‬
 ‫من كل ذلك العودة للطبيب النفسي لمدة ساعة كل‬
 ‫أربعاء»(‪ ،)5‬هذا التلاقي بينهما نكتشفه عندما نعلم‬
    ‫أن هذه هي جملة عنايات في الأصل‪ ،‬تتردد على‬
   ‫لسان مرسال مرة أخرى‪ ،‬فقد وجدت أن في هذا‬
‫المعادل الموضوعي لما ت ُم ُّر به هي شخصيًّا‪ ،‬وكما أن‬
‫في أغلب الروايات والأساطير يكون الجزء الأصعب‬
   ‫من حياة البطل هو العودة للوطن والتصالح مع‬
‫الماضي أو مصدر الأذى‪ ،‬الذي كان سبب رحيله في‬
   ‫المقام الأول‪ ،‬تتلاقى عنايات مع مرسال في رحلة‬
‫بحثها عنها‪ ،‬فكما عادت عنايات من زواجها الخرب‬

           ‫عادت مرسال لرحلة بحث ذاتية أخرى‪.‬‬
   ‫يظهر تأثير راشمون كذلك في سردية صديقتها‬
    ‫نادية لطفي التي تتحدث باعتزاز عن صديقتها‬
    ‫عنايات‪ ،‬بل نجد أنها لا تزال لديها قدرة عجيبة‬

     ‫على استحضار صوت عنايات حتى بعد عقود‬
 ‫طويلة على صمته‪ ،‬يظهر كذلك مع سردية المثقفين‬

     ‫والنظرة السائدة عن الكتابة الجيدة عند المرأة‪،‬‬
‫ووضع الأديبات في النموذج الذي هيمن بعد رواية‬
‫«الباب المفتوح» ‪ ،1960‬نجده عند أنيس منصور في‬
 ‫حديثه ومقالاته «المربكة» عن عنايات‪ ،‬لقاء يوسف‬
‫السباعي بها ومحاولة مساعدته لها في نشر الكتاب‬
  ‫والذي لم تتم‪ ،‬ووصفه لكتابة المرأة في تلك الفترة‬
   101   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111