Page 104 - Pp
P. 104
العـدد 35 102
نوفمبر ٢٠٢1
أسماء عبد العزيز مصطفى
في أثر عنايات الزيات..
رحلة إحياء أديبة مصرية منسية !
حقيقة إنه يفرض نفسه على أنه نوع من أنواع تعرض إيمان مرسال قصة مأساوية لشابة
المقاربات الإثنوغرافية القائمة على الملاحظة
مصرية منسية وهي عنايات الزيات ،تنتحر في عام
والتحقيقات الطويلة ،والمقابلات الهاتفية ،والمقابلات ،1963عن عمر لم يتجاوز الـ 25عا ًما بعد رفض
المتعمقة ،مع رجال ونساء من جميع الأطياف دار نشر حكومية أول عمل أدبي لها بعنوان «الحب
لتتبع قصص الحياة( ،)1وزيارة الأماكن التي
والصمت» ،هذا العمل الذي سينشر بعد وفاتها
ترددت عليها حالة الدراسة ومسكنها ،وتصفح في عام ،1967ويتحول لفيلم سينمائي ومسلسل
أرشيف الصحافة ،بد ًءا بالمقابر المملوكية ،للإجابة
إذاعي.
على تساؤلها ،كيف ماتت الكاتبة ومتى؟ ولماذا وفي اللحظة التي تكتشف فيها مرسال الرواية
ظلت روايتها خارج نطاق التأريخ للرواية العربية عندما اشترتها من سوق الأزبكية بالقاهرة في
وكتابة المرأة العربية؟ تأخذنا المقاربة الإثنوجرافية عام ،1993كانت لا تزال بعيدة كل البعد عن
المصير المأساوي لهذه الكاتبة ،والذي سيطارد
إلى قلب النهضة العربية مدينة (القاهرة)، مرسال شخصيًّا بشكل دائم فيما بعد ،حيث سيتم
ونواديها وأحيائها الهادئة ،والسيارات المكشوفة، الاختطاف المعنوي بالشكل الذي توضحه مرسال
والتليفونات المنزلية ،والفساتين القصيرة ،وحفلات في الكتاب ،مع السؤال الذي سيظل يؤرقها لسنوات
لاحقة :ما الذي يجعل كاتبة واعدة وأم لطفل ذي
الكوكتيل ،وأفلام الأبيض والأسود ،إنها مدينة سبع سنوات تقرر الانتحار وهي في عمر الـ24
الخمسينيات والستينيات ،حيث تستقطب الباحثين عا ًما؟ مسترشدة بالفضول والقوة التي استحوذت
عليها من مصير الكاتبة ،ستأخذنا مرسال في رحلة
في الأنثروبولوجيا وعلم الآثار وكل من وقعوا عبر فترة سياسية وثقافية واجتماعية غير عادية
تحت سحر تاريخها ،فكما يقال ،إذا عطست القاهرة في القاهرة خلال القرن العشرين ،لتتتبع أثر الكاتبة
فإن المنطقة كلها ستصاب بنزلة برد ،وفي المثل المنسية عنايات الزيات.
الكلاسيكي «القاهرة تكتب ،وبيروت تنشر ،وبغداد في الواقع كان من الصعب عليَّ تصنيف العمل،
تقرأ» ،هناك في ذلك الوقت كان يبدو أن الفترة
الناصرية في سنواتها الأولى قد أعطت وع ًدا وهميًّا
بالحداثة.