Page 151 - m
P. 151

‫حول العالم ‪1 4 9‬‬

    ‫‪ Todd Gitlin‬كيف توفر‬             ‫محاولة لإعادة الفن إلى‬    ‫مسألة وظيفة الفنون البصرية‬
 ‫وسائل الإعلام الحديثة واب ًل‬  ‫الساحة العامة‪ ،‬ليمثل الأشياء‬       ‫في حياة البشر‪ .‬على سبيل‬

   ‫مستم ًرا من الصور المرئية‬           ‫المشتركة بين الناس‪.‬‬     ‫المثال كانت معاني لوحة آندي‬
 ‫التي تغسل عقول الجماهير‪،‬‬          ‫وتجدر الإشارة أي ًضا إلى‬    ‫وارهول ‪ Andy Warhol‬لعلبة‬
                                                                ‫«حساء كامبل ‪Campbell’s‬‬
       ‫والتي تتراكم في العقل‬         ‫أن عمل «جماعة مو ‪»μ‬‬
‫الجمعي لتطمس الخط الفاصل‬             ‫البلجيكية التي تأسست‬        ‫‪ )1964( »soup‬قد نوقشت‬
‫بين الواقع وصورته الذهنية‪.‬‬           ‫في العام ‪ 1967‬لا يمكن‬      ‫(ولا تزال) بصورة لانهائية‪.‬‬
                                   ‫الاستهانة به أو بدوره في‬
 ‫يقول‪« :‬إن الصور تصور أو‬          ‫ظهور كل من السيميائيات‬            ‫وعندما تسأل عما يعنيه‬
  ‫تعيد تقديم الحقائق‪ ،‬ولكنها‬     ‫البصرية والبلاغة البصرية‪.‬‬       ‫هذا الإعلان‪ ،‬فإن الناس إما‬
  ‫ليست هي نفسها الحقائق»‬          ‫فقد ربطوا الخطاب اللفظي‬          ‫يقولون إنه لا يعني شيئًا‪،‬‬

    ‫(جيتلن‪ ،2001 ،‬ص‪.)22‬‬                 ‫‪verbal discourse‬‬             ‫وإما يقدمون ردو ًدا من‬
      ‫نحن نعلم الفارق جي ًدا‪،‬‬     ‫بالخطاب البصري ‪visual‬‬             ‫قبيل‪« :‬إنه رمز لمجتمعنا‬
                                 ‫‪ discourse‬الذي يبين كيف‬          ‫الاستهلاكي»‪ ،‬أو «إنه يمثل‬
‫ولكننا نفضل الافتراضي على‬        ‫أن محو الأمية البصرية أمر‬       ‫الحداثة والتفاوت في الحياة‬
   ‫الواقعي‪ ،‬وهي النقطة التي‬       ‫بالغ الأهمية لفهم الأنشطة‬      ‫المعاصرة»‪ ،‬إلخ‪ .‬وهذا النمط‬
   ‫ألمح إليها جان باودريلارد‬                                     ‫الأخير من الردود يشير إلى‬
                                     ‫البشرية‪ ،‬كما هو الحال‬     ‫أننا نميل إلى تفسير النصوص‬
 ‫‪)1983( Jean Baudrillard‬‬         ‫بالنسبة لمحو الأمية اللفظية‪.‬‬        ‫البصرية دائ ًما بوصفها‬
‫الذي أشار إلى الخط الضبابي‬                                      ‫نصو ًصا دالة‪ ،‬على الرغم من‬
                                    ‫إن كتاب «جماعة مو ‪»μ‬‬       ‫أن لوحة «علبة الحساء» ‪-‬على‬
     ‫لتأثيرات الصور الزائفة‪.‬‬      ‫المنشور في ‪« 1970‬البلاغة‬      ‫المستوى الدلالي‪ -‬تشير فقط‬
   ‫وهذا يعني ‪-‬في الأساس‪-‬‬                                           ‫إلى علبة حساء‪ .‬إن مفهوم‬
                                    ‫العامة» يعد بمثابة إعادة‬     ‫الفن البصري بوصفه شيئًا‬
       ‫أن قوة الصور المرئية‬      ‫صياغة للخطاب الكلاسيكي‬          ‫يتم تقديره فرد ًّيا من خلال‬
   ‫تكمن في هذه الصور التي‬                                            ‫مشاهدته في معرض أو‬
   ‫لم نعد نميزها‪ ،‬أو نريد أن‬       ‫بطريقة سيميائية جديدة‪،‬‬       ‫متحف يخفي حقيقة أن الفن‬
 ‫نتميزها بين الواقع‪ ،‬والواقع‬         ‫وتصنيف للصور وف ًقا‬            ‫في الأصل كان له وظيفة‬
                                                               ‫عامة‪ .‬لقد كانت الأعمال الفنية‬
     ‫الافتراضي (العالم الذي‬     ‫لأنماطها السيميائية المختلفة‪.‬‬     ‫تهدف إلى تزيين الساحات‬
 ‫أنشئ من خلال الصور)‪ .‬إن‬          ‫في كتاب «معاهدة العلامات‬        ‫العامة أو للاحتفال ببعض‬
 ‫دراسة تأثير الصورة أصبح‬         ‫البصرية ‪Traité du signe‬‬         ‫الأحداث ذات المغزى‪ ،‬ولكن‬
                                   ‫‪ )1992( »visual‬وضعت‬           ‫فقط بعد الحقبة الرومانسية‬
   ‫‪-‬بشكل منطقي‪ -‬أحد أبرز‬            ‫جماعة مو قواعد نحوية‬
  ‫الموضوعات في حقل البلاغة‬           ‫للصورة‪ ،‬وكانت النقطة‬             ‫في القرن التاسع عشر‬
                                                               ‫أصبحت فكرة المعارض الفنية‬
    ‫البصرية اليوم‪ ،‬وبخاصة‬      ‫الرئيسة لهذه الصور هي أنها‬
       ‫لأنها تمارس ما يشبه‬         ‫تتقاطع مع جميع الأنظمة‬           ‫‪-‬بوصفها مكا ًنا مناسبًا‬
                                         ‫والرموز الإشارية‪.‬‬       ‫لتقدير الفن‪ -‬تبدو بوصفها‬
  ‫التعاقد مع الناس من خلال‬                                      ‫فكرة ثابتة (بالفرنسية ‪idée‬‬
  ‫وسائل الإعلام الرقمية‪ .‬إن‬           ‫خاتمة‪:‬‬
   ‫مصطلح «الصورة الزائفة‬                                           ‫‪ .)fixe‬ثم كانت حركة فن‬
                               ‫في كتابه «وسائل الإعلام غير‬       ‫البوب ‪-‬بشكل غير مباشر‪-‬‬
     ‫‪ »simulacrum‬يأتي من‬       ‫المحدودة ‪»Media Unlimited‬‬
     ‫اللغة اللاتينية حيث كان‬
   ‫يعني «التشابه ‪»likeness‬‬       ‫(‪ ،)2001‬يصف تود جيتلن‬
 ‫أو «التماثل ‪ ،» similarity‬ثم‬
    ‫اُس ُتخدم في القرن التاسع‬
     ‫عشر من قبل الرسامين‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156