Page 162 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 162

‫العـدد ‪38‬‬                   ‫‪160‬‬

                 ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬               ‫استخدم أبو العلاء‬

‫والشك‪ .‬ويعد المعري ‪-‬فيما‬                ‫المعري (ت ‪449‬ه) الأسلوب‬
                                        ‫الشعري أو التمثيلي؛ لعرض‬
‫يري طه حسين‪ -‬ناق ًدا يمزج‬
‫النقد بالسخرية‪ ،‬والسخرية‬                  ‫أفكاره الفلسفية‪ ،‬فالشعر‬
                                        ‫يمتلك القدرة على خلق تأثير‬
‫محببة عند طه حسين‪،‬‬                      ‫جمالي بسبب الطاقة الموحية‬

‫مثلما كانت عند المعري‪ ،‬فقد‬                 ‫التي يمدنا بها‪ ،‬وبخاصة‬
                                           ‫الشعر العميق مثل شعر‬
‫استخدم طه حسين السخرية‬
                                                         ‫المعري(‪.)1‬‬
‫عندما وصف مشايخه‬                              ‫والشعر في جانب منه‬
                                            ‫فلسفة؛ لأنه يرتبط بها‪،‬‬
‫ومعلميه في بعض مؤلفاته‪،‬‬                    ‫ففي المقالة الخامسة من‬
                                          ‫كتاب طه حسين الذي بدأ‬
‫وبخاصة كتابه الأيام‪.‬‬                     ‫تأليفاته الأدبية والنقدية به‬
                                         ‫(ذكري أبي العلاء) يخلص‬
‫يجمع أبو العلاء بين رؤية‬                ‫طه حسين للفلسفة العلائية‬
                                       ‫ويفصل فيها تفصي ًل فيعرج‬
‫الشاعر‪ ،‬الإنسان‪ ،‬وبين‬                   ‫على مصادرها وأصولها‪ ،‬ثم‬
                                          ‫أنواعها من فلسفة طبيعية‬
‫الناقد الفيلسوف‪ .‬لقد فكر‬                    ‫ورياضية وإلهية‪ ..‬إلخ‪.‬‬
                                            ‫وأبو العلاء هو الشاعر‬
‫بطريقة ناقدة ناضجة‪،‬‬                         ‫الحكيم الفيلسوف الذي‬
                                       ‫تصارع في شعره مع المسائل‬
‫وأدرك وظيفة الشعر‪ .‬ولا‬                     ‫الكلامية والكونية(‪ .)2‬أما‬
                                       ‫أصل التجربة الفلسفية عنده‪،‬‬
‫تزال رسالة الغفران تنبثق‬               ‫فيرجع في أساسه إلى عوامل‬
                                         ‫كامنة في الطبيعة الإنسانية‬
‫من النبع الذي لا ينضب‬                  ‫له‪ ،‬كالدهشة والشك والقلق‪،‬‬
                                        ‫بالإضافة إلى تاريخ الفلسفة‬
‫عنده‪ ،‬إنها مادة غنية لأولئك‬                 ‫ذاته‪ .‬وأبو العلاء جدير‬
                                       ‫بصفة فيلسوف‪ ،‬فهو الوحيد‬
 ‫الذين يعطون اهتما ًما متأنيًا‬               ‫بين أقرانه الذي درس‬
‫ويتألقون بمواهبهم الطبيعية‪.‬‬                ‫العلوم الإلهية والطبيعية‬
‫ولأن الشبيه يدرك الشبيه‪ ،‬د‪.‬سامية سلام‬  ‫والخلقية در ًسا عمي ًقا وسعي‬
                 ‫وجد طه‬                   ‫إلى تكوين آراء عن الحياه‬

‫فلسفة الأدب عند‬  ‫حسين في‬                       ‫والطبيعة والإنسان‪.‬‬
                 ‫أبي العلاء‬                   ‫امتازت فلسفة المعري‬
                                       ‫بعناصر فلسفية عديدة‪ ،‬منها‬
                 ‫مرآة له يرى‬              ‫عناصر سلبية‪ ،‬كالتشاؤم‬

                 ‫نفسه فيها‪ ،‬أو‬

                 ‫قرينًا ينبغي‬
                 ‫عليه ملازمته‪.‬‬

‫واشترك أبو العلاء المعري‬

‫مع طه حسين في استخدام‬

‫منهج الشك في النقد‪،‬‬

‫واشتهر التلميذ بـقضية‬

‫انتحال الشعر الجاهلي‪ ،‬فقد‬

‫اكتشف طه حسين بأن هناك‬

‫دلالات قوية تشير إلى أن‬

‫الشعر الجاهلي تمت كتابته‬

‫بعد الإسلام‪ ،‬وهذا يعني‬

‫التزييف والانتحال‪ ،‬وهاجمه‬

‫الكثيرون نتيجة لهذه الآراء‪،‬‬

‫وطعنوا فيها‪ ،‬بل وفي دينه‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167