Page 164 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 164
العـدد 38 162
فبراير ٢٠٢2 التي تدل على المعاني من
غير تفاوت ولا فضول .هذا
يشك فيها ،وهذا أكبر دليل الإنسان قد يصغر عن إدراك التأثير في نفسه مقبول لولا
على أنه لم يكن شا ًّكا علي اليقين في بعض الأمور أن يؤدي مع طول الزمان إلى
الإطلاق ولا سفسطائيًّا(،)8 لقصور عقله ،فيقول: الغموض والإبهام ،فما زال
ويرى طه حسين أن أبا ولقد صغرت عن اليقين الشاعر يتخير اللفظ الدقيق
العلاء قد خالف مذهب
السفسطائيين ،لأنهم بخاطر ..ما كاد يبلغ حفرة للدلالة على المعنى الدقيق
يتهمون العقل ويشكون إلا نباطا حتى تكثر في شعره الألغاز.
فيه ،فلا يؤمنون به ولا ولا بد أي ًضا من الدلالة على
وينتقد طه حسين من ظن أن درس العلوم الفلسفية قد
يعتمدون عليه ،وإذ هو يرى بأبي العلاء أنه يريد نفي
رأي الفلاسفة النظريين الحقائق ،فلو فطنوا لمغزى أوجد في الشعر إصلاحات
من اليونان والمسلمين في الرجل لعرفوا أنه لا يعمم علمية وأسماء لم يكن له
الشك إلا في مسائل الغيب،
الاعتماد على العقل خاصة. فأما عالم الشهادة فلا يبسط بها عهد من قبل ،كالجوهر
وإذا أردت إثبات ذلك، أبو العلاء ظل الشك عليه، والعرض وغير ذلك مما
فاللزوميات ناطقة به أكثر فمن ذلك قوله: يفيض به شعر المتنبي وابن
من مرة كذلك ،ويقول أما اليقين فلا يقين وإنما العميد وغيرهم(.)6
أقصي اجتهادي أن أظن
بمعرض رده علي الباطنية: المعرفة والشك عند
يرتجي الناس أن يقوم إما ًما وأحدسا()7 ابي العلاء المعري
ولا يري أبو العلاء الخبر
ناطق في الكتيبة الخرساء أص ًل من أصول الاستدلال يتمثل البعد المعرفي عند
كذب الظن لا إمام سوي المعري في العديد من مصادر
العقلي ،فقد خالف عامة
العقل المتكلمين في ذلك ،فإنهم المعرفة ،منها الحس والظن
مشي ًرا في صبحه والمساء يجعلون الخبر الصادق والشك واليقين ،والحدس
فإذا ما أطعته جلب الرحمة أص ًل من أصول العلم، والعقل ،أي أنه ذو نزعه
فالشرائع والديانات تقوم أفلاطونية في معرفته وفي
عند المسير والإرساء()9 على الإخبار ،وقد نص
ويتحدث طه حسين عن أبو العلاء على خلافه مع البحث عن عالم المثل،
علم الكلام فيقول :إنه تكلف فالمعري جعل من المثل
ملاءمة الدين وموافقته السفسطائيين ،فقال: الأخلاقية المثل العليا في عالمه
والزود عنه .ومن علماء وقال أناس ما الأمر حقيقة
الكلام :الأشعري والجبائي فهل اثبتوا أن لا شقاء ولا المعرفي.
والإسفرايني والباقلاني فاختلاف المعرفة والإنكار
وغيرهم ،وقد زها علم الكلام نعم على النفس ليس له مصدر إلا
قبل أن تزهو الفلسفة ونقل فنحن وهم في مزعم تأثرها بالحياة المادية ،يقول
الفلسفة لم ينشئه ،بل قواه
وغير شكله ،وقد أنتجت وتشاجر أبو العلاء في الشك:
هذه الصورة من الفلسفة ويعلم رب الناس أكذبنا زعما إنما نحن في ضلال وتعليل
الدينية نتيجتها الطبيعية
من الانقسام والافتراق ومهما يكن من شيء فإن كنت ذا يقين فهاته
واختلاف الرأي وتباين فإن لأبي العلاء آراء ولحب الصحيح آثرت الروم
الأهواء ،ونظرة في كتاب الملل -كما يعرض طه حسين،
والنحل للشهرستاني تبين وكما رصدناها من خلال انتساب الفتي إلى أمهاته.
أشعاره -ثابتة استقر عليها ويؤكد أبو العلاء أن
حياته كلها لم ينكرها ولم