Page 29 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 29

‫‪27‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

              ‫رؤى نقدية‬

                                                            ‫إلى رمز للمنتظم الدولي والأمم‬

                                                            ‫المتحدة‪ ،‬والهدف يرمز للمنازل‬

                                                            ‫التي تصاب بوابل من القذائف‬

                                                            ‫النارية التي تسددها مدفعيات‬

                                                            ‫النظام الجائر في حق شعب‬

                                                            ‫أعزل‪ ،‬والجمهور رمز للدول‬

                                                            ‫العربية والعالم بأسره وهو‬

                                                            ‫يتابع فصول الحكاية الدموية‪،‬‬

                                                            ‫ويشاهد بأم عينيه فصول‬

                                                            ‫حرب ضروس وتفاصيل قتل‬

                                                            ‫بشع وضراوة قصف جنوني‪،‬‬

                                                            ‫ولكنه يظل صامتًا ولا يتحرك‬

                                                            ‫مثل شيطان أخرس‪.‬‬

                                                            ‫كل هذه الرموز والإشارات‬

                                                            ‫تشكل المعادل الرمزي للواقع‬

‫جيل كيبل‬      ‫سلمى براهمة‬    ‫عبد العاطي الزياني‬              ‫المفترض‪ ،‬وتمتلك في ذاتها‬
                                                            ‫شحنة دلالية قوية‪ ،‬فالرموز‬

            ‫ككل‪ ،‬وتشير تهاني مبرك إلى أن أكبر دلالة دارت‬    ‫في نظر بول ريكور «تمد جذورها في أصقاع الحياة‬
              ‫عليها الأحلام الأدبية في موضوع البحث كانت‬       ‫والشعور والعالم المتينة‪ ،‬ولأن لها ثبا ًتا استثنائيًّا‪،‬‬
              ‫تصوير المشكلات‪ ،‬كما ميزت نفس الباحثة بين‬         ‫فإنها تفضي بنا إلى التفكير بأن الرمز لا يموت‪،‬‬
                ‫ثلاث دلالات للحلم وهي التعويض وتصوير‬         ‫بل يتحول فقط(‪ ،)12‬لذلك تستطيع القصة القصيرة‬
                                                                 ‫ج ًّدا استيعاب كل هذا الكم الهائل من الأدوات‬
          ‫المشكلات‪ ،‬واستشراف المستقبل‪ ،‬فوظيفة التعويض‬        ‫الفنية والإبداعية من خلال اعتمادها على خاصيات‬
                ‫حسب الباحثة هي التنفيس عن الشخصيات‪،‬‬          ‫التكثيف والاختزال والتلميح والإشارة‪ ،‬بغية النفاذ‬
                                                               ‫إلى عمق الوجدان العربي وملامسة أدق تفاصيل‬
           ‫ووظيفة تصوير المشكلات هي الكشف عن مشكلة‬             ‫الحدث الذي يتحول إلى لحظات خاطفة ومشاهد‬
          ‫الشخصية‪ ،‬ووظيفة استشراف المستقبل هي تزويد‬           ‫مختزلة ومكثفة‪ ،‬مما يضفي على المنجز القصصي‬
          ‫الشخصية برؤية ثاقبة عن المستقبل وتهيئتها لما هو‬       ‫للقاص حسن جبقجي فرادة في الإبداع وأل ًقا في‬
          ‫متوقع(‪ ،)13‬وفي هذا الإطار‪ ،‬تتوزع أحلام الأضمومة‬
                                                            ‫البوح وخصوصية في التعبير الرمزي والأسطوري‪.‬‬
                    ‫إلى أحلام ما قبل الثورة وأحلام الثورة‪.‬‬
               ‫في قصيصة بعنوان «أحلام قبل الثورة» كانت‬

          ‫نفسية البطل هادئة منطلقة متحررة من أي قيد‬         ‫رمزية الحلم‬
            ‫مادي أو معنوي‪ ،‬مثل الشخصية المستشرفة‬

          ‫للمستقبل‪ ،‬متوسلة بتقنية التداعي الحر‪ ،‬حيث‬         ‫يعد الحلم بمثابة تقنية سردية يلجأ إليها السارد‬

          ‫يستدعي السارد ذاكرة الفتى الصغير وتخيلات‬          ‫باعتباره نافذة استشرافية للمستقبل‪ ،‬ولا يهمنا‬

          ‫اللحظات الطفولة الجميلة الحالمة‪ ،‬من خلال المسدس‬   ‫من إطلالتنا على هذه النافذة تركيبة الحلم وبنيته‬

          ‫الدلالية داخل الأضمومة بقدر ما يهمنا لغة السرد المائي والطائرة الورقية‪ ،‬ولكن تأتي لحظة التحول‬

          ‫المفاجئ للحظات الحلم‪ ،‬وتحدث عملية القلب للحلم‬     ‫التي أطرت الحلم في سياق أدبي معين‪ ،‬والمقصود‬

          ‫إلى كابوس‪ .‬وفي قصيصة «أحلام مشروعة» يؤدي‬          ‫هنا بالتحديد الحلم الأدبي المشحون بالتخيلات‬

‫والإشارات والصور الإيحائية المتصلة بالأضمومة الحلم وظيفة التعويض عن الواقع المتردي والتنفيس‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34