Page 232 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 232

‫العـدد ‪38‬‬         ‫‪230‬‬

                                                          ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬     ‫السارد آثار ميزوبوتاميا‬
                                                                        ‫الباقية‪ ،‬فيرى كيف تتشابك‬
   ‫الطبع يهوى من يكسر‬        ‫الثقافية؛ فإنه ينجز الرسالة‬                ‫العصور متفك ًرا فيها «أتابع‬
   ‫ثقالته وتقاليده ويقض‬        ‫متوج ًسا ومتسائ ًل «ماذا‬
  ‫مضجعه‪ ،‬لهذا أعدكم أن‬        ‫لو أن أساتذة لجنة التقييم‬                     ‫ببصري‪ ..‬سور المعبد‪,‬‬
    ‫التاريخ سيعقلني»(‪،)18‬‬       ‫شككوا بنوايا َي فسفهوا‬                   ‫وبالتحديد على حد تشابك‬
   ‫واص ًفا المؤرخين الذين‬            ‫جهودي كلها؟»(‪،)17‬‬                    ‫بقاياه مع تكملته الحديثة‬
   ‫كتبوا عنه كابن خلكان‬        ‫والمفارقة أن اللص حكيم‪،‬‬                     ‫التي شابهت القديمة فلا‬
    ‫وابن كثير وابن تفري‬          ‫كإشارة إلى أن الهامش‬                   ‫تتمايزان إلا بالمظهر؛ قتامة‬
 ‫بردي وابن الصابئ وابن‬          ‫مثقف وواع تدبر الحياة‬                  ‫الأولى أكسبتها مظهر قدمها‬
     ‫القلانسي وابن إياس‬                ‫فعرف حقيقتها‪.‬‬                      ‫ونصاعة الثانية أكسبتها‬
‫ويحيى بن سعيد الإنطاكي‬         ‫ومحكي التاريخ في رواية‬                    ‫حداثتها أيبقى هذا التمايز‬
  ‫بآكلي لحم الميت‪ ،‬ساخ ًرا‬       ‫(مجنون الحكم) لسالم‬                   ‫أب ًدا؟ أم أن الزمن سيساوي‬
    ‫مما كتبوه قائ ًل‪« :‬ولو‬       ‫حميش انعكاس واضح‬                      ‫لونيهما فتضيع حقيقة زمن‬
    ‫عرف هؤلاء المتقولون‬                                                 ‫البنائين‪ ,‬بل حقيقتهما كلها‪،‬‬
‫كنه التاريخ بما هو تاريخ‬     ‫لفلسفة هايدن وايت‪ ،‬متخ ًذا‬
   ‫تصنعه سلطات السيف‬          ‫من سيرة الحاكم بأمر الله‬                      ‫تنطمس‪ ..‬كما انطمست‬
  ‫وإحجام الشدائد والآلام‬       ‫موضو ًعا لتفنيد موثوقية‬                         ‫حقائق كثيرة في كل‬
                                                                                    ‫العصور؟»(‪.)16‬‬
      ‫لأدركوا أن من طبع‬         ‫التاريخ‪ .‬والرواية سيرة‬
  ‫السياسة الاستبداد»(‪.)19‬‬    ‫ذاتية بطلها أبو علي منصور‬                     ‫وينتقد السارد في رواية‬
 ‫والمفارقة أن الحاكم يدعو‬                                                   ‫(كائن الظل) لإسماعيل‬
  ‫المحكومين إلى المعارضة‬       ‫الحاكم بأمر الله الذي هو‬                      ‫فهد إسماعيل مركزية‬
  ‫والرفض والتشكيك(‪.)20‬‬       ‫مجنون الحكم‪ ،‬الذي يحمله‬                    ‫التاريخ الرسمي الذي ليس‬
   ‫وهذا التوظيف للمتخيل‬                                                   ‫في شريعته توثيق الأدب‬
 ‫التاريخي نجده أي ًضا عند‬        ‫جنونه على الكشف عن‬                       ‫الشعبي كالسير الشعبية‬
‫رشيد بو جدرة في روايته‬          ‫خفايا لم يذكرها التاريخ‬                ‫والملاحم المتداولة على أساس‬
   ‫(الحلزون العنيد) التي‬        ‫الرسمي الذي حكى عن‬                     ‫أنها هامش مهمل‪ .‬لذا ينقلب‬
 ‫فيها يوظف حد ًثا مختل ًقا‪،‬‬     ‫استبداده وغروره فقط‪،‬‬                       ‫السارد ‪-‬الذي هو طالب‬
                                ‫فيقول‪« :‬التاريخ لا يذكر‬
                                                                                   ‫دراسات عليا‪-‬‬
                                  ‫إلا من قاوم اعوجاجه‬                            ‫على هذه المركزية‬
                              ‫باعوجاج مضاد‪ ،‬إنه فاسد‬
                                                                                        ‫عبر كتابة‬
                                                                                 ‫موضوع رسالته‬

                                                                                       ‫في الهامش‬
                                                                                    ‫المسكوت عنه‪،‬‬
                                                                                    ‫المتمثل باللص‬

                                                                                       ‫حمدون بن‬
                                                                                    ‫حمدي حرامي‬

                                                                                      ‫بغداد‪ .‬وعلى‬
                                                                                   ‫الرغم من علمه‬

                                                                                     ‫أن ذلك ما لا‬
                                                                                   ‫تقبله المؤسسة‬
   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237