Page 229 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 229

‫‪227‬‬          ‫الملف الثقـافي‬

‫إدوارد سعيد‬  ‫إسماعيل فهد إسماعيل‬  ‫جبرا إبراهيم جبرا‬                   ‫يعترض أو يش ِّخص أو‬
                                                                    ‫يعلن أو يستشرف فلأنه‬
   ‫البؤرة التي منها ينطلق‬         ‫شخصياته الحيوية فلسفية‬          ‫راغب في الإسهام في إعادة‬
  ‫التشظي بالأساس‪ .‬وهذا‬                  ‫مثل الدكتور إبراهيم‬        ‫رسم خارطة المآل العربي‬
  ‫ما أراده نجيب من قارئه‬                                        ‫القادم كمثقف عضوي يحمل‬
                                    ‫عقل وزهير كامل ورضا‬              ‫رسالة كتلك التي حملها‬
      ‫وهو يواجهه بأفكار‬            ‫حمادة وماهر عبد الكريم‬       ‫روائيو المرحلتين الكلاسيكية‬
    ‫محفزة‪ ،‬كتوكيده أن لا‬                                             ‫والحداثية‪ ،‬لكن بأدوات‬
‫فرق بين تعالي فلسفة عند‬                ‫وسالم جبر‪ ،‬هذا أو ًل‪،‬‬     ‫جديدة تقف الفلسفة ما بعد‬
    ‫الفئات المثقفة النخبوبة‬        ‫وثانيًا الخروج على القالب‬        ‫الكولونيالية في مقدمتها‪.‬‬
                                                                    ‫وفي مقدمة من ظهر لديه‬
      ‫وبين فلسفة الفئات‬               ‫التقليدي للرواية تار ًكا‬  ‫اهتمام فلسفي نجيب محفوظ‬
‫المتنورة الشعبية‪ ،‬لأنهما لا‬         ‫العمل بلا تجنيس‪ ،‬وثالثًا‬        ‫في رواياته الستينية التي‬
‫تفضيان إلا إلى «مناقشات‬            ‫الجمع بين سرد المذكرات‬        ‫حفلت بطابع فكري أكثر منه‬
‫متفلسفة لا تخلو من تثبيط‬                                            ‫رمزي يح ُّض القارئ على‬
                                     ‫والقصة القصيرة‪ ،‬فكل‬         ‫التأمل‪ ،‬ويدفعه إلى المشاركة‬
  ‫للهمم وتخييب للآمال أو‬          ‫قصة منفصلة عن الأخرى‬            ‫الفكرية مع الشخصية التي‬
‫انفعال مضطرم سرعان ما‬              ‫وتحمل عنوا ًنا خا ًّصا بها‪.‬‬
                                                                      ‫يؤرقها فكرها وطريقة‬
            ‫يسيل د ًما»(‪.)1‬‬            ‫وترتبط هذه القصص‬         ‫رؤيتها للحياة‪ .‬وسبب براعة‬
  ‫وكثي ًرا ما حاول محفوظ‬          ‫بخيوط منها صوت السارد‬
   ‫توصيل فكرة أ َّن العرب‬         ‫الذاتي‪ ،‬مع تكرار حادثة أو‬          ‫محفوظ هو قدرته التي‬
   ‫غير ميالين إلى شمولية‬           ‫مقولة أو اسم يتداعى على‬      ‫عضدها تخصصه في الفلسفة‬

    ‫التفكر‪ ،‬وأ َّن القليل ج ًّدا‬         ‫لسانه هنا أو هناك‪.‬‬      ‫ماز ًجا بين السرد والفلسفة‬
       ‫منهم «يتمتع بعقل‬            ‫ومعلوم أن الرواية ما بعد‬        ‫مز ًجا جماليًّا محببًا يعيدنا‬
                                  ‫الكولونيالية رواية متشظية‬      ‫إلى جذور الفكر الفلسفي في‬
  ‫فلسفي‪ ،‬بالنظرة الشاملة‬            ‫يحتل فيها القارئ موق ًعا‬      ‫تبلوره السردي كمحاورات‬
‫للأشياء»(‪ ،)2‬وهو ما يجعل‬                                        ‫تخييلية وتأملات حكائية منذ‬
                                     ‫مركز ًّيا‪ ،‬بينما الفكر هو‬  ‫الفلاسفة الأوائل الذين كانت‬
                                                                ‫الموسوعية سمتهم‪ ،‬والحكائية‬
                                                                 ‫وسيلتهم‪ ،‬مما خلفه سقراط‬
                                                                   ‫وأفلاطون والفارابي وابن‬

                                                                             ‫سينا وغيرهم‪.‬‬
                                                                 ‫وإذا كانت بعض الصراعات‬
                                                                   ‫الفلسفية والمسائل الفكرية‬

                                                                       ‫والتمثيل لها منعكسة‬
                                                                        ‫بوضوح على روايات‬
                                                                 ‫محفوظ؛ فإن انعكاس الفكر‬
                                                                       ‫ما بعد الكولونيالي بدا‬
                                                                ‫واض ًحا عليه في (المرايا) ومن‬
                                                                 ‫دلائل هذا الانعكاس أن أكثر‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234