Page 230 - merit el-thaqafia 38 feb 2022
P. 230

‫العـدد ‪38‬‬          ‫‪228‬‬

                                                             ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬  ‫العربي مشوش الفكر تختلط‬
                                                                              ‫عليه الرؤى والتصورات‪.‬‬
     ‫خيبة الفلسفة أو عدم‬    ‫المسلمون إشفا ًقا على الأمانة‬                   ‫ويضع محفوظ على لسان‬
          ‫فاعليتها عندنا‪.‬‬   ‫ثم غلبهم الحنين من يدري؟‬                         ‫الشخصية المتفلسفة زهير‬
                            ‫لعل رأس البلاء العودة بعد‬                         ‫كامل محاججات منطقية‬
‫والعروي إذ يجعل السارد‬                                                          ‫تصدم القارئ أخلاقيًّا‬
  ‫متكل ًما بضمير المتكلمين‬                 ‫الهجرة»(‪.)5‬‬                       ‫«اعتقد أ َّن الناس أوغاد لا‬
                            ‫وإكثار السارد من استعمال‬                         ‫خلاق لهم‪ ،‬وأنه من الخير‬
‫فللتدليل على تمكن السارد‬                                                     ‫لهم أن يعترفوا بذلك‪ ،‬وأن‬
       ‫من جذب قارئه إلى‬         ‫ضمير الخطاب الممزوج‬
                                ‫بفعل المباصرة (انظر)‪،‬‬                      ‫يقيموا حياتهم المشتركة على‬
   ‫منطقة الفكر‪ ،‬وإشراكه‬      ‫والمداومة على فعل التحاور‬                       ‫دعامة من ذلك الاعتراف‪،‬‬
     ‫في التفلسف معه «لم‬           ‫بـ(قال وقلت)‪ ،‬دلائل‬                         ‫وعلى ذلك تصبح المشكلة‬
                              ‫واضحة على بعدية فكرية‬                            ‫الأخلاقية الجديدة هي‪:‬‬
  ‫يعد في الإمكان تغيير أي‬      ‫تسحب السرد إلى منطقة‬                           ‫كيف تكفل الصالح العام‬
 ‫شيء في حياتنا ظاه ًرا أو‬     ‫الفلسفة «انظ ْر إليها معك‪،‬‬
 ‫باطنًا‪ ،‬ننظر للموت ونحن‬      ‫الصمت الطويل والكلمات‬                       ‫والسعادة البشرية في مجتمع‬
                                ‫الغامضة‪ ،‬إنها تعلم أنك‬                       ‫من الأوغاد والسفلة؟»(‪،)3‬‬
   ‫أموات‪ ..‬نرتبط بالحياة‬     ‫ستتساءل يو ًما من الأيام‪:‬‬                       ‫أو تصدمه تاريخيًّا «مهما‬
   ‫متباطئين وننسلخ عنها‬       ‫كيف الإياب بعد الضياع؟‬
                                                                            ‫يكن الأمر فلا يمكن تجاهل‬
           ‫مسرعين‪.)7(».‬‬           ‫كيف إنقاذ الفؤاد من‬                      ‫المرحلة التي قطعها الإنسان‬
‫ولأن الفوضى أو الكابوس‬        ‫الأباطيل؟ تقول‪ :‬إن دموع‬
                                                                               ‫من الغابة إلى القمر»(‪.)4‬‬
    ‫ظاهرة ونظرية «كأنها‬          ‫الخصومات والتصالح‬                         ‫وللرواية العربية استمالاتها‬
‫تستطيع أ ْن تصوغ قوانين‬        ‫ما يملأ أيامنا وليالينا لا‬                 ‫الخاصة لقارئ يعيش في ظل‬
                             ‫شيء؟ أقول‪ :‬كل شيء هو‬
     ‫مشتركة تربط أنواع‬       ‫لا شيء‪ ،‬تقول‪ :‬حياة مليئة‬                         ‫مرحلة ما بعد كولونيالية‬
‫الظواهر»(‪ ،)8‬صارت قضية‬      ‫وبعدها الفراغ؟ أقول‪ :‬حياة‬                       ‫لم تعد الفكرة الاستشراقية‬
‫شائكة من قضايا الفلسفة‬      ‫مليئة وهي فراغ كنت أظنك‬
                              ‫أعمق فك ًرا‪ ..‬اعتقد اعتقا ًدا‬                   ‫هي المعضلة؛ بل المعضلة‬
 ‫ما بعد الكولونيالية‪ .‬ولها‬                                                   ‫في ما بعد هذه الفكرة مما‬
   ‫انعكاساتها إما في شكل‬          ‫راس ًخا أننا نحن أبناء‬                     ‫تضمنته طروحات إدوارد‬
                              ‫الصحارى لا نتطلع إلى ما‬                     ‫سعيد عن الشخصية الروائية‬
    ‫تعبيرات مقتضبة هي‬          ‫هو فوق الإمكان‪ ،‬إن الله‬                        ‫التي تكابد التشظي هوي ًة‬
    ‫بمثابة تأملات تتداعى‬
    ‫بعفوية أو قصدية على‬              ‫أراد لنا اليسر»(‪.)6‬‬                        ‫ووعيًا وهي تعيش على‬
‫لسان سارد ذاتي يفكر في‬            ‫ولا يخفى أن عبد الله‬                       ‫الهامش تابعة ذليلة‪ .‬ومن‬
 ‫الوجود‪ ،‬أو بمونولوجات‬             ‫العروي مفكر عربي‬                         ‫انعكاسات هذه الطروحات‬
                                  ‫مرموق‪ ،‬له طروحات‬                           ‫ما نجده في رواية (اليتيم)‬
                                ‫مهمة في الفكر والتاريخ‬                    ‫لعبد الله العروي التي نظرت‬
                             ‫والعقل‪ ،‬وما كتابته للرواية‬
                              ‫إلا لإيمانه أنها قادرة على‬                       ‫إلى الهجرة ذها ًبا وإيا ًبا‬
                              ‫ردم الهوة بين الفيلسوف‬                          ‫فوجدتها عبارة عن تش ٍّظ‬
                              ‫والقارئ العادي‪ ،‬رغبة في‬                       ‫وفنا ٍء «الهجرة رمز النفس‬
                              ‫تذليل خصوصية الفلسفة‬                            ‫الإنسانية قرارها فناؤها‪.‬‬
                            ‫ونخبويتها اللتين هما سبب‬                       ‫بدأ الإسلام مهاجرا‪ ..‬هاجر‬
   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235