Page 165 - merit
P. 165

‫حول العالم ‪1 6 3‬‬

  ‫صرح بذلك لصحيفة «لو‬               ‫بعد صدور روايته الأولى‬            ‫كوكيل تأمين لم يمكنه‬
‫باريسيان»‪ ،‬في حوار يعود‬             ‫«أمير الضباب»‪ ،‬كارلوس‬          ‫فعليًّا من الغوص بالكامل‬
                                                                  ‫في عالم الأدب‪ ،‬واستخراج‬
            ‫إلى عام ‪.2013‬‬                  ‫الذي كان محبًّا حد‬       ‫كنوزه‪ ،‬ربما لهذا السبب‬
    ‫مع أبطاله المنبعثين من‬             ‫التوقير والتقديس لكل‬       ‫قرر أن يجعل طفله يصاب‬
‫الماضي المنسي‪ ،‬المدفون في‬              ‫من تولستوي‪ ،‬هوجو‪،‬‬
‫سراديب برشلونة العتيقة‪،‬‬              ‫دوستويفسكي‪ ،‬دوماس‪،‬‬             ‫بإدمان القراءة‪ ،‬ويقتحم‬
‫مدينته الأيقونية‪ ،‬وأشباحه‬            ‫فلوبير‪ ،‬وأورسون ويلز‪،‬‬              ‫عوالم الإبداع التي لا‬
                                      ‫الذي ألهمه بأجواء كتبه‬                      ‫حدود لها‪.‬‬
      ‫من التاريخ الحديث‪،‬‬
       ‫وكتاباته السينمائية‬                 ‫الشاعرية‪ ،‬القوطية‬       ‫في الواقع‪ ،‬بفضل نشأته‪،‬‬
 ‫وطموحه اللانهائي‪ ،‬نجح‬                    ‫والباروكية‪ ،‬لم يكن‬            ‫كان كارلوس زافون‬
      ‫هذا الكاتب المجنون‪/‬‬           ‫بالتأكيد يتخيل وهو طفل‪،‬‬            ‫الإنسان رقي ًقا‪ ،‬لطي ًفا‪،‬‬
     ‫الرسام الماهر للوحات‬          ‫يكتشف روائع الأدب‪ ،‬بأنه‬
     ‫قاتمة لمتاهة محظورة‪،‬‬          ‫سيصير يو ًما كاتبًا مثلهم‪،‬‬         ‫بذاكرة ممتلئة بخرائط‬
‫شاسعة‪ ،‬تتشابك وتتضخم‬                 ‫وتبلغ شهرته كل الآفاق‪،‬‬           ‫خفية‪ ،‬كما كان مسالمًا‪،‬‬
 ‫وتتداخل‪ ،‬في تحقيق مجد‬              ‫وتحيا كتاباته وتخلد بكل‬           ‫وعاش ًقا للهدوء‪ ،‬عكس‬
    ‫فاق كل التوقعات‪« :‬إن‬           ‫اللغات‪ ،‬وبالفعل‪ ،‬لم يخطئ‬
  ‫الكتب ليست سوى مرآة‬               ‫كارلوس عندما أدار ظهره‬                ‫المغامرات الملتوية‪،‬‬
    ‫نرى فيها ما نمتلكه في‬             ‫لمسيرته المهنية في مجال‬      ‫الغامضة‪ ،‬والخطيرة التي‬
  ‫دواخلنا»‪« ،‬بين أغلفة كل‬               ‫الإعلانات‪ ،‬وكذا كتابة‬
  ‫تلك الكتب عالم لا حدود‬               ‫السيناريو‪ ،‬لينذر نفسه‬          ‫جعل أبطاله يعيشونها‬
  ‫له في انتظار اكتشافه‪،»..‬‬           ‫لمهمة أكثر أهمي ًة وسم ًوا‪،‬‬      ‫ويدخلون في خضمها‪،‬‬
  ‫«كنت أجهل طبيعة المتعة‬               ‫ألا وهي‪« :‬إخبار القراء‬     ‫ترى هل كان زافون يرغب‬
     ‫التي تهبنا إياها الكلمة‬         ‫المحتملين حول العالم أنه‬     ‫في عيش المغامرات التي لم‬
   ‫المكتوبة‪ ،‬المتعة في ولوج‬        ‫عندما يتعلق الأمر بالأدب‪،‬‬       ‫يعشها عبر أبطال رواياته‬
‫أسرار الروح والاستسلام‬                   ‫فإنه عليك تجربة كل‬        ‫المركبة‪ ،‬الشبيهة بمتاهات‬
     ‫لنزوات الخيال وألغاز‬           ‫شيء‪ ،‬تفضل‪ ،‬التقط كتا ًبا‬       ‫يصعب العثور على مخرج‬
 ‫الإبداع الأدبي»‪ ،‬كما كتب‬             ‫بالصدفة المحضة‪ ،‬افتح‬
 ‫في رواياته‪ ،‬ليخلف صوته‬                ‫دفتيه‪ ،‬في‬                                       ‫منها؟‬
  ‫صدى يتردد اليوم‪ ،‬مثل‬             ‫أسوأ الأحوال‬                       ‫أصبح كارلوس زافون‬
    ‫تحذير مظلم‪ ،‬عسانا لا‬              ‫قد لا ينال‬                      ‫كاتبًا في سن الثلاثين‪،‬‬
‫نعيش أزمنة نهاية القراءة‪،‬‬               ‫إعجابك‪،‬‬
    ‫وتستحيل كل المؤلفات‬                   ‫ولكن‪،‬‬
 ‫في العالم مجرد أكوام من‬            ‫خلاف ذلك‪،‬‬
 ‫الورق‪ ،‬المُ َج َّر ِد من الحياة‪،‬‬     ‫قد يأخذك‬
  ‫والملقى بإهمال في مقبرة‬            ‫هذا الكتاب‬
     ‫الكتب الغابرة‪ ،‬المنسية‬            ‫إلى أماكن‬
                                        ‫لم تجرؤ‬
                                       ‫حتى على‬
                                   ‫تخيلها»‪ ،‬كما‬
   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170